للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِتْقِ، فَإِذَا نَوَى بِذَلِكَ التَّكْفِيرَ جَازَ، وَالمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ رَأَتْ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى إِعْتَاقِهِ، فَلَا يَجْزِيهِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ أَقَامَ القَصْدَ لِلشِّرَاءِ مَقَامَ العِتْقِ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِلْعِتْقِ نَفْسِهِ، فَكِلَاهُمَا يُسَمَّى مُعْتِقًا بِاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا مُعْتِقٌ بِالاخْتِيَارِ الأَوَّلِ، وَالآخَرُ مُعْتِقٌ بِلَازِمِ الاخْتِيَارِ، فَكَأَنَّهُ مُعْتِقٌ عَلَى القَصْدِ الثَّانِي، وَمُشْتَرٍ عَلَى القَصْدِ الأَوَّلِ، وَالآخَرُ بِالعَكْسِ. وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِيمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (١)).

أبو حنيفة يقول: يجزئ تحريرها دون شرط أن تكون محررة للظهار، فقد يكون السبب في تحريرها هو إعتاقها بالقرابة، أو أن يعتقها بالتعليق كأن يقول: إن اشتريته فهو حر، فلو فعل ذلك فيجزيه عند أبي حنيفة رحمهُ اللهُ.

- قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "يَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الوَاحِدِ") (٢).

وهو مذهب أحمد كذلك (٣).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٤٤٩)، حيث قال: " (أو أعتق نصفًا) مثلًا (فكمل عليه) بالحكم حصة شريكه (أو أعتقه)، أي: النصف الباقي ثانيًا بأن كانت الرقبة كلها له فلا يجزي؛ لأن شرط الإجزاء عتق الجميع دفعة واحدة".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ١٩٤)، حيث قال: " (ولو أعتق معسر نصفين) له من عبدين (عن كفارة فالأصح الإجزاء إن كان باقيهما) أو باقي أحدهما كما استظهره الزركشي وغيره إن توقف فيه الأذرعي (حرًّا) لحصول الاستقلال المقصود ولو في أحدهما بخلاف ما إذا كان باقيهما لغيره لعدم السراية عليه فلم يحصل مقصود العتق من التخلص من الرق".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٧٣)، حيث قال: " (ومن أعتق) في كفارة (جزءًا) من قن (ثم) أعتق (ما بقي) منه ولو طال ما بينهما أجزأ؛ لأنه أعتق رقبة كاملة كإطعام المساكين (أو) أعتق (نصف قنين) ذكرين أو أنثيين أو مختلفين عن كفارته (أجزأ) ذلك؛ لأن الأشقاص كالأشخاص ولا فرق بين كون الباقي منهما حرًّا أو رقيقًا لغيره (لا ما سرى بعتق جزء) كمن يملك نصف قن وهو موسر بقيمة باقية فأعتق نصفه وسرى إلى نصيب شريكه فلا يجزيه نصيب شريكه؛ لأنه لم يعتق بإعتاقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>