للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): لَا يَنْفِي الْوَلَدَ حَتَّى تَضَعَ. وَحُجَّةُ مَالِكٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ حَكَمَ بِاللِّعَانِ بَيْنَ الْمُلَاعِنَيْنِ قَالَ: "إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَمَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَّقَ عَلَيْهَا").

* من المعلوم أن المرأة عندما جاء دَوْرُها فشهدت أربع شهادات فأُوقِفت وذُكِّرتْ بتقوى اللّه سبحانه وتعالى وعَذابُ الدُّنْيا أهونُ وأيسر من عذاب الآخرة، وأن عليها أن تخشى اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، وأنه سيحلُّ بها عصبُ اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - تلكَّأت ساعة كما جاء في بعض الروايات (٢) ثم بعد ذلك قالت: لا أفضَحُ قَوْمِي فقالت الخامسة: وغضب اللّه عليها إن كانت من الكاذبين.

(قَالُوا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا فِي وَقْتِ اللِّعَانِ. وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَنْفُشُ وَيَضْمَحِلُّ، فَلَا وَجْهَ لِلِّعَانِ إِلَّا عَلَى يَقِينٍ).

(ينفش) أي: يكون منتفخًا وبعد ذلك يذهب، فربما هذا البطن الذي كان بارزًا فيه ريح فتزول هذه الريح فينفش، و (يضمحل) أي: يرجع إلى أصله وينكمش.

* قال: (وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ عَلَّقَ بِظُهُورِ الْحَمْلِ أَحْكَامًا كَثِيرَةً: كَالنَّفَقَةِ، وَالْعِدَّةِ، وَمَنْعِ الْوَطْءِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قِيَاسُ اللِّعَانِ كذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُلَاعِن، وَإِنْ لَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ إِلَّا وَقْتَ


(١) يُنظر: "التجريد" للقدوري (١٠/ ٥٢١٠) حيث يقول: "المعنى فيما بعد الولادة أن الأحكام المختصة به يجوز أن تثبت له، وقبل الولادة لا تثبت الأحكام المختصة قبل البيع والنكاح. كذا نفي النسب".
(٢) كما عند أبي داود (٢٢٥٦)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>