للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَبُّ الدّينِ إِلَى اللَّهِ: الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ" (١).

هَذَا هو الذي أشَار إليه المؤلف، وحمَلنا على أن نتطرق لذلك؛ لأهمية مثل ذلك الأمر، فالإنسان عندما يَقْرأ ما يكتب أولئك، أو يقرأ خُطَبهم ومَوَاعظهم: ربما تَجُرُّه تلكم العبارات، فلا ينبغي للإنسان أن يجري وراء الألفاظ، فمن الناس مَنْ يهبه اللّه -سبحانه وتعالى- ذكاءً وفطنةً وقدرةً على التأثير، حيث يعطيه اللّه -سبحانه وتعالى- لسانًا ناطقًا مبينًا يستطيع أن يؤثر به في السامعين، وقد يبكي، أو يتباكى! فلا ينبغي أن يكون ذلك مقياسًا في معرفة الحق.

فلكَي تعرف مَنْ يسلك طريق الحق: عليك أن تقارن بين قوله وفعله، فإن وجدت فعلَه وَفْقَ منهج اللّه -سبحانه وتعالى-، ومنهج رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَاك هو المهتدي الذي ينبغي أن يُقتدَى به، أمَّا مَنْ خَرَج على ذَلكَ كائنًا مَنْ كان: فلا يُلْتفت إليه؛ فإن دين اللّه -سبحانه وتعالى- لا يُؤْخذ من الرجال على أسمائهم؛ وإنما يُقْتَدَى بأولئك العلماء الذين أخلصوا لدين اللّه، وَوَقفوا حياتَهم في خدمته، وتفانوا في أداء هذا الدين، وإيصاله إلى غيرهم، وتَبْيينه للناس كما أمر اللّه -سبحانه وتعالى-.

هَذه لمحةٌ بسيطةٌ عن أولئك، وإلَّا فالحديث عنهم يَطُول.

ونحن في مَجْلسٍ كهذا المجلس، وفي هذا الدرس بحاجة أيضًا -إلى جَانب بيان الأحكام- إلى التوجيه والنُّصح، فرأيناها مناسبةً طيبةً أن نبيِّنها لبعض الإخوة الَّذين يكونون معنا في هذا الموضع.

قوله: (وَالثَّالِثُ -فِيمَا أَحْسَبُ- الطَّوَافُ (٢)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ


= منه، واللّهِ، ما انتقم لنفسه في شيءٍ يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات اللّه، فينتقم للّه".
(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٦)، وغَيْره عن ابن عباسٍ قال: قيلَ لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأديان أحبُّ إلى الله؟ قال: "الحنيفية السَّمحة"، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٨٨١).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٩) حيث قال: "ولا تطوف بالبيت". ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١/ ١٧٤) حيث قال: "ولا تطوف". =

<<  <  ج: ص:  >  >>