للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): لَا تَقَعُ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكمٍ).

وهي الرواية الأخرى للإمام أحمد (٢).

لأن الحاكم هو الذي يحسم ذلك، واللعان كما أشرنا قبل قليل لا يخلو إما أن يكون يمينًا أو شهادةً واليمين أو الشهادة إنما تُؤدَّى بحضور الحاكم.

فهو الذي يفصل النزاع، ولذلك ذكر العلماء: أنه لو اصطلحا على أن يختار رجلًا ليلاعن عنده فلا يجوز إذْ لا بد من أن يكون بحضرةِ الحاكم أو من يقيمه الحاكم مقامه.

أما سائر الناس فلا يجوز ولو حصل فلا اعتبار له بأن يصطلحا على اختيار رجل للملاعنة عنده.

وإنما يصلح لذلك في أبواب الصلح، أما هذا فهو عقوبة يترتب عليها لو ثبت على أحدهم يقام الحد.

إذًا هذه شهادة أو يمين وكلاهما بينة فتحتاج إلى من يفصل بها، والذي يعتبر المرجع في ذلك وله الحكم الفصل إنما هو الحاكم لا غيره.

(وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ (٣)، وَأَحْمَدُ (٤). وَحُجَّةُ مَالِكٍ عَلَى الشَّافِعِيِّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ).


(١) يُنظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (٤/ ٢٨٦) حيث قال: "وقوله (فإذا التعنا لا تقع الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما)، يفيد أنه لو مات أحدهما بعد الفراغ من التلاعن قبل تفريق الحاكم توارثا".
(٢) يُنظر: "الكافي "لابن قدامة (٣/ ١٨٦) حيث قال: "الحكم الثالث: الفرقة، وفيها روايتان: إحداهما: لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٩٧) حيث قال: "وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تقع الفرقة بعد فراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما، وبه قال الثوري".
(٤) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>