عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ هُوَ سَبَبُ الْفُرْقَةِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَرَى أَنَّ الْفِرَاقَ إِنَّمَا نَفَذَ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِهِ وَأَمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حِينَ قَالَ: "لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا"، فَرَأَى أَنَّ حُكْمَهُ شَرْطٌ فِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ كَمَا أَنَّ حُكْمَهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ اللِّعَان. فَسَبَبُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَنْ رَأَى أَنَّهُ تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ أَنَّ تَفْرِيقَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا لَيْسَ هُوَ بَيِّنًا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ، لِأَنَّهُ بَادَرَ بِنَفْسِهِ فَطَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِوُجُوبِ الْفُرْقَةِ، وَالأصْلُ ألَّا فُرْقَةَ إِلَّا بِطَلَاقٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ تَحْرِيمٌ يَتَأَبَّدُ - أَعْنِي: مُتَّفَقًا عَلَيْهِ -، فَمَنْ غَلَّبَ هَذَا الْأَصْلَ عَلَى الْمَفْهُومِ لاحْتِمَالِهِ نَفَى وُجُوبَ الْفُرْقَةِ قَالَ بِإِيجَابِهَا.
وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِ مَنِ اشْتَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَتَرَدُّدُ هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يُغَلَّبَ عَلَيْهِ شَبَهُ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا حُكْمُ الْحَاكِمِ، أَوِ الَّتِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا).
* الجمهور يرد على الشافعية ويقولون: لو كان اللعان ينتهي بلعان الزوج لما احتيج إلى لعان المرأة، إذًا: يلاعن الرجل فينتهي الأمر فلماذا كان لعانها شرطًا؟
فهذه قضية تقوم على رُكنين لا تتم إِلَّا بهما فلو كانت الفرقة تحصُلُ بلعان الرجل لما أصبح لعان المرأة أمرًا متعينًا.
(وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَة، وَهِيَ: إِذَا قُلْنَا إِنَّ الفُرْقَةَ تَقَعُ فَهَلْ ذَلِكَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ؟).
قضية الطلاق والفرقة يتعدَّد الخلاف فيها، وهي تتنوع بين الفقهاء، فهل هذا الذي حصل في اللعان يعتبر فرقة؛ والفرقة إن كانت فهي إلى الأبد.
أم هل هو طلاق؟ وهل هذا الطلاق يكون بائنًا أم لا؟
* فأكثر الفقهاء يرى: أنها فرقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute