للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ عَلَى الصَّغِيرَةِ، وَلَا عَلَى الْكِتَابِيَّةِ إِحْدَادٌ) (١).

* ورد في الأحاديث السابقة "لا يحل لامرأة" فهل كلمة امرأة تخرج الصغيرة؟ هذه هي حجة الحنفية، وهذا ما لم يعرض له المؤلف "لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ، إِلَّا على زوج أربعه أشهر وعشرًا" (٢).

* إذًا: فالحديث يُحَرِّمُ على المرأة غير الزوجة أن تحد على ميِّت فوق ثلاث، أي: غير الزوج لا يجوز أن تحد عليه المرأة أكثر من ثلاثة أيام، أما الزوج فهو الذي تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا، وهنا لما نأخذ لفظ الحديث في قوله: "لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة … " أي: يحرم عليها إِلَّا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشرًا، فالاستثناء هنا الظاهر أنه يدل على الإباحة، ومعَ ذلك نجد أن العلماء قالوا: (يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تُحد عليه).

فقالوا بالوجوب والحديث ينفي الإباحة عن أن تحد غير الزوج أكثر من ثلاث ليالٍ، ثم قال: "إِلَّا على زوج": أي أنه يحِلُّ، فهل هناك دليل آخر يؤكد ذلك؟ الجواب: نعم، كما في قصة المرأة التي أتت بابنتها وهي تشكو عينَها فسألت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: أفتَكْحلها؟ فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لا". وفي بعض الروايات "قالها ثلاثًا" (٣).

ومع أنها شاكيةٌ ومتألمةٌ ومع ذلك لم يرخص لها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فلو لم يكن الإحداد واجبًا لم يمنعها، وكيف يمنعها من أمرٍ جائز؟!! ونحن نعلم أن من أحسن أنواع الزينة عند العرب هو اكتحال المرأة ومع ذلك نهيت عنه، وبعضهم أخذ من هذا الحديث: أنه لا إحداد على كتابية؛


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٧٠) ويُنظر: "ولا إحداد على كافرة ولا صغيرة".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>