بقي مسألة مهمة ما ذكرها المؤلف وهي المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها كما قال اللّه - تعالى -: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، فلو أن امرأة حاملًا مات عنها زوجها عدتها أنما هي وضع الحمل فلو أن هذه المرأة وضعت حملها قبل أربعة أشهر وعشرًا، هل لها أن تخرج من الإحداد؟ الجواب: نعم؛ لأن عدتها ما هي إِلَّا وضع الحمل، فلو أن الحمل استمر بها فتجاوز أربعة أشهر وعشرًا، فهل تبقى على إحدادها؟ قال العلماء: نعم تبقى على ذلك.
وهناك مسألة مهمة لم ترد في الكتاب وهي لو قد أن امرأة سافرت إلى الحج مع ذي مَحْرَم وفي أثناء الطريق بلغها أن زوجها قد تُوفي فماذا عليها أن تفعل؟ تكلم العلماء في هذه المسألة وقالوا: يُنظر إلى إن كانت تباعدت بها المسافات وقاربت الحج، فإنها تمضي فيه؛ لأن هذه عبادة ولو كان ما زالت قريبة فإنها ترجع وتقيم في بيتها وتَعُدُّ عدة الوفاة، وتلتزم الإحداد، أما إن كانت قد تباعدت فلا.
فلو قُدِّر أن هذه المرأة وجب عليها الحج والحج ركن من أركان الإسلام وأصبحت قادرة ببدنها وبمالها، ووجدت محرمًا يصحبها إلى الحج لكن زوجها توفي هل تبقى معتدة أو تسافر إلى أداء الحج؟ الصحيح أنها تبقى معتدة، فننظر إلى ما اشتملت عليه الشريعة من الحكم إلى قوة الرابطة بين الزوجين من عناية الإسلام بأبنائه، فاللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يتسامح عن حقوقه ويؤجلها ويقدم عليها في بعض الأمور في غير الأمور التي لا تتطلب تأخيرًا يقدم عليها حق الإنسان؛ لأن الحقوق حق خالص للّه - تعالى - فلا يجوز أن يشاركه مخلوق ألا وهو حق العبادة، وهناك حق خالص للإنسان كحقه في تصرفه في أمواله في حدود المشروع، وهناك حقوق مشتركة كحد القذف مثلًا ففيه حق الإنسان الذي تعيب فيه على حرمته، وحق للّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أنه يشتمل على ردع وإقامة هذا الحد لمَنْع الناس، فالإسلام راعى حقوق الزوج.
= الأمة الإحداد) لأنها مخاطبة بحقوق الله - تعالى - فيما ليس فيه إبطال حق المولى، بخلاف المنع من الخروج لأن فيه إبطال حقه وحق العبد مقدم لحاجته".