للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَذَلِكَ مَا يُحَرِّكُ الرِّجَالَ بِالْجُمْلَةِ إِلَيْهِنَّ. وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ لإِيجَابِ الْإِحْدَادِ فِي الْجُمْلَةِ لِثبوتِ السُّنَّةِ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمِنْهَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا أَفَتَكْتَحِلُهُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا"، مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهَا: "لَا ثُمَّ قَالَ: "إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْر، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ" (١)).

هذا حال الناس فيما مضى فلا يقدمون على فعل أي شيء إِلَّا أن يعرفوا حكم اللّه فيه، فهذه المرأة تأخذ ابنتها معها وتسأل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: "ترمي بالبعرة"، فكانت المرأة تدخل ذلك البيت الذي عرفه الشافعي (٢) بأنه كان ذليلًا أي: حقيرًا صغيرًا، فتبقى به مدة من الزمن، ثم بعدما أكملت بادرت فتأخذ بعرة من البعير أو الشاة فتَرْمي بها كِناية أو علامة على أنها قد خرجت من هذا القيد، فقالوا: تخرج أحيانًا ليلًا متحشمة مستحية لأنه قد طال شعرها، وأصبح منظرها بشعًا، ورائحتها كريهة، فهي بكل وسيلة تسعى لتصل إلى بيت والدها لتزيل ما هي عليه ولا أشد أنها لو تمسحت بطائر - في بعض الروايات - تمسح قبلها فيسرع ذلك الطائر.

(وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ).

وهو: (أبو محمد بن حزم).

(فَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ يَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَى الْقَوْلِ بِإِيجَابِ الْإِحْدَادِ) (٣).


(١) سبق تخريجه.
(٢) في "الأم" للشافعي (٥/ ٢٤٧) حيث يقول: "الصغير الذليل من الشعر والبناء وغيره".
(٣) لقول ابن حزم يُنظر: "المحلى بالآثار" (١٠/ ٦٢) حيث قال "مسألة: وعدة الوفاة والإحداد فيها يلزم الصغيرة - ولو في المهد - وكذلك المجنونة - وهو قول مالك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>