للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرموا بيعه مُطلقًا، وبعضهم دقق في هذا الأمر وفصل، فقال: إن كان الماء يبذل فيه جهد فلا مانع من بيعه، كما نرى الآن في السيارات التي تنقل الماء، أو من يحفر بئرًا وينفق عليها، فالأجر مقابل تلك النفقات كالحال على أخذ الأجرة على الإمامة وتعليم القرآن والأذان وغير ذلك (١).

* قوله: (وَرُوِيَتْ أَحَادِيثُ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ).

هذا جيِّد من المؤلف - رَحِمَةُ الَلهُ - حيث قال: "غير مشهورة"، فالأحاديث المنعوتة بعدم الشهرة ليس دليلًا على ضعفها، لكنها ليست مشهورة كشهرة التي نهت عن البيع، وعند التدقيق فالأحاديث الثلاثة الواردة في النهي عن ثمن الكلب إِلَّا كلب الصيد (٢) قد تكلَّم فيها علماءُ الجرح والتعديل وبينوا


= والنار" … "فلا يصح بيعه"، أي: بيع شيء من ذلك قبل حيازته.
الثاني: مذهب الحنفية: "البحر الرائق" لابن نجيم (٦/ ٨٤) قال: "أما إذا أحرز الماء بالاستقاء في آنية، والكلأ بقطعه جاز حينئذٍ بيعه لأنه ملكه بذلك".
مذهب المالكية: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي (٤/ ٣٩٧)، قال: "الناس في المرعى سواء، ولا يمنع الكلأ إِلَّا رجل له أرض قد عرفت له، فهذا الذي يمنع كلأها، أو يبيعه إن احتال إليه".
مذهب الشافعية: "روضة الطالبين"، للنووي (٥/ ٣١٢) قال: "فصل في بيع الماء"، أما المحرز في إناء أو حوض، فبيعه صحيح على الصحيح.
مذهب الحنابلة: "كشاف القناع" (٣/ ١٦٠) قال: " … ومن حاز من ذلك"، أي: من الماء العد والكلأ والشوك والمعدن الجاري، "شيئًا ملكه"، وجاز بيعه لما روي أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع الماء إِلَّا ما حمل منه" رواه أبو عبيد في الأموال.
(١) قال أبو جعفر الطحاوي: "قَالَ أَصْحَابنَا: لَا تجوز الْإِجَارَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَالصَّلَاة وَلَا على تَعْلِيم الْفَرَائِض وَالْفِقْه. وَقَالَ مَالك: لَا بَأْس بِأخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَتكره الْإِجَارَة على تَعْلِيم الْفِقْه. وَقَالَ الْحسن بن حَيّ: تكره أُجْرَة الْمعلم. وَقَالَ الشافِعِي: يجوز أخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَالصَّلَاة بهم". "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٩٩).
(٢) أولاها: ما أخرجه الترمذي (١٢٨١) عن أبي هريرة، قال: "نهى عن ثمن الكلب، إِلَّا كلب الصيد". قال الترمذي: "هذا حديث لا يصح من هذا الوجه، وأبو المهزم اسمه يزيد بن سفيان وتكلم فيه شعبة بن الحجاج وضعفه. وقد روي عن جابر، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا، ولا يصح إسناده أيضا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>