للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب الاختلاف: تمسُّك كلِّ عالم بما وصل إليه من النصوص الصريحة في هذا الباب، وهذا أكبر شاهد على أنهم وقَّافون عند الدليل رحمهم اللّه جميعًا.

ثم عاد المؤلف - رَحِمَةُ الَلهُ - إلى مسألة الزيت النجس المختلف في بيعه، ومثله - كما مر - شحوم الميتة، فلما سُئل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عنها، فَقَالَ: "لَا، هُوَ حَرَام" (١).

وهنا اختلف العلماء في الزيوت التي تنجست - أي: خالطتها نجاسة فغلبت عليها فأصبحت نجسة - في جواز بيعها للانتفاع بها، واتفقوا على عدم جواز أكلها (٢).

* قوله: (وَمَا ضَارَعَهُ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهِ).

فالاتِّفاق على تحريم الأكل فقط، لكن لو اضطر للأكل فالضرورات تبيح المحظورات وتقدر بقدرها، وليس الأكل من الزيت المتنجس بأشد من الميتة.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتِ النجِسِ (٣)، وَبِهِ قَالَ


(١) أخرجه البخاري (٢٢٣٦)، ومسلم (٥٨١/ ٧١)، ولفظه: عن جابر بن عبد اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -، أنه: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول عام الفتح وهو بمكة: "إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرَ، وَالْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْأصْنَامَ"، فقيل: يا رسولَ الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لَا، هُوَ حَرَامٌ"، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ إِنّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَّلُوه، ثُمَّ بَاعُوه، فَأكلُوا ثَمَنَهُ".
(٢) حكى الاجماع ابن عبد البر في "التمهيد" (٩/ ٤٣) قال: قال أبو عمر: أما أكله فمجتمع على تحريمه.
(٣) "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٣/ ١٠) قال: "قوله: وزيت تنجس" ما ذكره من أنه لا يصح بيعه هو المشهور من المذهب، ومقابله رواية وفعت لمالك جواز بيعه كان يفتي بها ابن اللباد قال ابن رشد في سماع القرينين في كتاب الصيد ما نصه، والمشهور عن مالك المعلوم من مذهبه في "المدونة" وغيرها أن بيعه =

<<  <  ج: ص:  >  >>