الفقه، وعامة العلماء، فقد اتفقوا على أن ربا الفضل محرم، وأنه لا يجوز التعامل به، وأجابوا على حديث عبد الله بن عباس بعدة أجوبة:
أولها: قالوا بأن حديث: "لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَة" منسوخ، والدليل على نسخه: إجماع العلماء على ذلك (١)؛ ولا بد للعلماء من الاستناد إلى دليل، وهذا الدليل لا يخلو من أن يكون مذكورًا، أي: متلفظًا به، أو مسكوتًا عنه؛ فإجماع العلماء هو الدليل على نسخه، وهذا قول.
الجوابُ الثاني: أن حديث: "لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَة"، محمول على اتِّفاق الأجناس، فإذا اختلفت الأجناس فلا ربًا؛ لأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذه الْأَصْنَاف، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ"، ثم قال:"إِذَا كَانَ يَدًا بيَدٍ"، فقيَّد في ربا النَّسيئة، وأطلق فيما يتعلَّق بربَا الفضل، فتبينا أن الزيادة لَا تضر إذا اختلفت الأجناس، فلو بعت ذهبًا بفضة مع التفاضل لا يضر، أو قمحًا بتمر فلا يضر، إنما الخلاف إذا تماثل الصنفان. وبعض العلماء يرى القمح والشعير صنفًا واحدًا.
الجواب الثالت: منهم من قال: إن حديث ابن عباس: "لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَة" مجملٌ، والأحاديث الأخرى كحديث عبادة وحديث عمر بن الخطاب مقيدة ومبينة له، والمجمل دائمًا يُرَدُّ إلى المبين.
الجواب الرابع: أن حديث عبادة وعمر وغيره قال بها جمع من الصحابة، بل رواها جمع من الصحابة، وحديث ابن عباس لم يروه إِلَّا ابن عباس فقط، وخطأ الواحد أقرب من خطأ الجماعة، فالأحاديث التي أخذ بها عموم الصحابة ومن بعدهم أولى بأن تقدم.
الجواب الخامس: أنهم قالوا: إن حديث: "لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَة" ليس على بابه، كقولك: دخلت القرية فلا أفضل من زيد فيها، وكقولك: لا رجلًا فاضلًا فيها إِلَّا فلان، فهل نُفِي الفضل بهذه المقولة؟
الجواب: لا، لم ينفَ، كقولنا: هذه البلدة لا عالم فيها إِلَّا فلان،