للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: [واتفاق القدر]، أيْ: تماثل الصِّنف.

وهذه الرواية لم أقف عليها، وحديث أبي سعيدٍ - رضي الله عنه - في "الصَّحيحين" وغيرهما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعَث أخا بني عديٍّ الأنصاري، واستعمله على خيبر، فقدم بتمرٍ جَنِيبٍ، فقال له رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ "، قال: لا، واللّه يا رسول اللّه، إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجَمْع، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ المِيزَانُ" (١)، هذا هو الحديث الذي ورد في "الصحيحين"، وقد ذكر الكيل في هذا المقام، وفي آخره قال: "وَكَذَلِكَ الوَزْنُ"، فاحتج به الحنفية على اعتبار الكيل والوزن في علل الربا (٢)، وهذا الحديث سيأتي أيضًا حُجَّةً للشافعية الذين انفردوا من بين جمهور العلماء، فأجازوا بيعَ العِينَةِ (٣).

قوله: (رَأَوْا أَنَّ التَّقْدِيرَ (أَعْنِي: الكَيْلَ أَوِ الوَزْنَ) هُوَ المُؤَثِّرُ فِي الحُكْمِ كتَأْثِيرِ الصِّنْفِ، وَرُبَّمَا احْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ مَشْهُورَةً فِيهَا تَنْبِيةٌ قَوِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الكَيْلِ أَوِ الوَزْنِ).

ليس المراد أنَّ تلك الأحاديث ترتقي إلى درجة المشهور، والأحاديث - كما هو معروفٌ عند المُحدِّثين - مقسمةٌ من حيث عدد رواتها إلى:

الحديث المتواتر (٤): وهو الذي يرويه جمعٌ غفيرٌ عن مثله تحيل العادة تواطئهم واتفاقهم على الكذب.


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٠)، ومسلم (١٥٩٣).
(٢) "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٨٤) قال: "الاستدلال … أن الفضل على المعيار الشرعي من الكيل والوزن في الجنس".
(٣) قال ابن الأثير في "النهاية" (٣/ ٣٣٣، ٣٣٤): العِينَة: هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلومٍ إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به … وسميت عينةً لحصول النقد لصاحب العينة.
(٤) "نزهة النظر" لابن حجر (ص ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>