للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشمل كلَّ نوع من أنواع الحيوان، ونرى أن ظاهرَه يتعارض مع حديث رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لما أمر عبد اللّه بن عمرو أن يأخذ في قلائص الصدقة البعير بالبعيرين.

وروي أن علي بن أبي طالب "بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُدْعَى عُصيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ" (١)، هذا ثبت عن صحابيٍّ، وهو أحد الخلفاء الراشدين، وهو حجةٌ أخرى للشافعية ومَنْ معهم في هذه المسألة.

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ، فَعُمْدَتُهُ فِي مُرَاعَاةِ مَنْعِ النَّسَاءِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الأَغْرَاضِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ).

وسدُّ الذرائع (٢) يتوسع فيه المالكية (٣) وهو معمولٌ به في كل المذاهب (٤)، ولا شك أن كل أمرٍ يكون وسيلةً للوصول إلى أمرٍ محظورٍ فإنه يمنع، ويأخذ حكمه، ويكون محرمًا، أي: ما كان وسيلةً إلى محرمٍ فهو محرمٌ، ومن ذلك الحِيَلُ التي يتخذها البعض فيرتكبون الحرام بطريقٍ غير مباشرةٍ، ويظنون أنهم على شيءٍ، ومنه حديث رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُوم، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا" (٥)، فأكلوا


(١) أخرجه مالك (٢٤٠٢) وغيره، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٧٢).
(٢) الذريعة: الوسيلة إلى الشيء، ومعنى ذلك: حسم مادة وسائل الفساد، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة إلى المفسدة، منعنا من ذلك الفعل. "تبصرة الحكام" (٢/ ٣٦٤).
(٣) "الفروق" للقرافي (٣/ ٢٦٦) قال: "الذريعة هي الوسيلة للشيء، وهي ثلاثة أقسام: منها ما أجمع الناس على سده، ومنها ما أجمعوا على عدم سدِّه، ومنها ما اختلفوا فيه".
(٤) "المجموع" للنووي (١٠/ ١٦٠) قال: "الذرائع هي الوسائل … قد تكون واجبةً، وقد تكون حرامًا، وقد تكون مكروهةً ومندوبة ومباحة، وتختلف أيضًا مع مقاصدها بحسب قوة المصالح والمفاسد وضعفها، وانغمار الوسيلة فيها وظهورها … ".
ويُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٥/ ٣٣٧) قال: "قاعدة المذهب: سد الذرائع".
ويُنظر: "الموافقات" للشاطبي (٥/ ١٨٢، ١٨٣) قال: "قاعدة الذرائع التي حكمها مالك في أكثر أبواب الفقه؛ لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة".
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٢٣)، ومسلم (١٥٨٢) بلفظ: "لعن" بدل "قاتل".

<<  <  ج: ص:  >  >>