للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمنها، وهذا احتيالٌ على دين اللّه عز وجل، ومنه احتيالهم على تحريم اصطياد السمك يوم السبت، ففعلوه بحيلةٍ دنيئةٍ كما هي عادتهم، وقَدْ عاتبهم اللّه عز وجل، وحذر المؤمنين أن يسلكوا ذلك الطريق، وخَوَّفهم من الوقوع فيه، قال تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)} [الأعراف: ١٦٣].

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ سَلَفٍ يَجُرُّ نَفْعًا وَهُوَ يَحْرُمُ).

والسلف هو القرض الذي يجرُّ نفعًا كما تقدم.

قوله: (وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: إِنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ).

أي: القرض، وهل القرض أصلٌ ربويٌّ بذاته أي: مستقلٌّ، أو هو لصيقٌ وجزءٌ من ربا الفضل؛ ذلك محل خلافٍ بين العلماء، وتفصيله كالآتي:

* منهم مَنْ يرى أن الربا نوعان؛ ربا الفضل وربا النسيئة، وأن ربا القرض إنما هو جزءٌ من ربا الفضل، فالقرض يجر منفعةً، والمنفعة إنما هي زيادةٌ لأحد الطرفين، وهذا هو ربا الفضل (١).

* ومن العلماء مَنْ قال: لا ينبغي أن يكون مستقلًّا، لأن القرض له أحكامٌ تخصه، وينفرد بها عن غيره (٢)، فينبغي أن يكون نوعًا ثالثًا مستقلًّا في هذا المقام.


(١) "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣٦٣) قال: "هو ثلاثة أنواع: ربا الفضل … وربا اليد، … وربا النَّسَا … وزاد المتولي: ربا القرض المشروط فيه جر نفع. قال الزركشي: ويمكن رده لربا الفضل".
(٢) "نهاية المحتاج، وحاشية الشبراملسي" للرملي (٣/ ٤٢٤) قال: "ومنه ربا القرض، إنما جعل ربا القرض من ربا الفضل مع أنه ليس من هذا الباب؛ لأنه لما شرط نفعًا للمقرض، كان بمنزلة أنه باع ما أفرضه بما يزيد عليه من جنسه فهو منه حكمًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>