للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَدْ قِيلَ عَنِ الكُوفِيِّينَ (١): إِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الحَيَوَان بِالحَيَوَان نَسِيئَةً، اخْتَلَفَ الجِنْسُ أَوِ اتَّفَقَ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ سَمُرَةَ، فَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ (٢)، وَالحَنَفِيَّة لِحَدِيتِ سَمُرَةَ (٣) مَعَ التَّأوِيلِ لَه، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَلَّا يَجُوزَ الحَيَوَانُ بِالحَيَوَان فَسِيئَةً، اتَّفَقَ الجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ، وَكَأَنَّ مَالِكًا ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ، فَحَمَلَ حَدِيثَ سَمُرَةَ عَلَى اتِّفَاقِ الأَغْرَاضِ، وَحَدِيثَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ عَلَى اخْتِلَافِهَا).

الشافعية ومَنْ معهم لا شك رجحوا حديث عبد اللّه بن عمرٍو، وهو ظاهر الرجحان أيضًا، فهو نصٌّ صريح في المسألة، وحجةٌ قويةٌ لمَن ادعى ذلك، فإن البيع حصل بين يدي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.

وأجابوا عن حديث سمرة بأن حديث سمرة إنما غايته أن يكون مرسلًا، وهناك خلاف - كما هو معلوم - في سماع الحسن من سمرة (٤)، وما دام فيه هذه العلة، فإذا قام الاحتمال، بطل الاستدلال كما قيل.

وقد اختلف الفقهاء في التعامل مع هاتين الروايتين كالآتي:

* أما الحنفية ومَنْ معهم، فذهبوا إلى أن حديث سمرة ناسخٌ لحديث عبد اللّه بن عمرٍو، ونعلم أن الانتهاء إلى النسخ أو سلوك هذا الطريق يتطلب أن تعرف المتقدم من المتأخر؛ لأنه لا يمكن أن يكون المتقدم ناسخًا للمتأخر، فلا حُجَّة فيما ذهبوا إليه (٥).


(١) لم أهتد لهم.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) "جامع التحصيل" للعلائي (ص ١٦٢ - ١٦٥) رقم (١٣٥) قال: " … هذا يقتضي سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة، واللّه أعلم".
(٥) "تبيين الحقائق وحاشية الشلبي" (٤/ ٨٧، ٨٨) قال: "والجواب عن الحديث قيل: إنه كان في دار الحرب، وقد أخذه عبد اللّه من أهل الحرب، ولا ربا بينهما عندنا. وقيل: إنه كان قبل تحريم الربا".

<<  <  ج: ص:  >  >>