للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الإمام الشافعي قال بأن المقصود بالنسيئة في حديث الحسن عن سمرة أن يوجد النَّسَاء من الطرفين، حيث كلٌّ منهم يبيع الآخر مؤجلًا؛ لأن الحديث يحتمل أن يكون المقصود به من طرفٍ، ويحتمل أن يكون المقصود به من طرفين، وأما حديث عبد اللّه بن عمرٍو فَهو صَريحٌ في المسألة (١).

* وفي روايةٍ للحنابلة التفريق (٢)، فإن كان هذا النوع فيه مفاضلةٌ كشاةٍ بشاتين أو بعيرٍ ببعيرين، فلا يجوز؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحَيَوَانُ اثْنَان بوَاحِدٍ لَا يَصْلُحُ نَسِيئًا، وَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ" (٣).

وأيده أيضًا حديثٌ آخر في "مسند أحمد" عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَبيعُوا الدِّينَارَ بالدِّينَارَيْنِ، وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ، وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ، فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ"، وَالرَّمَاء هو الربا، فقام إليه رجلٌ، فقال: يا رسول اللّه، أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل؟ قال: "لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ" (٤).

* أما الإمام مالك، فذهب فقال باتفاق المنافع واختلافها، فإذا اتفقت المنافع، فيؤخذ بحديث سمرة الذي نهى؛ لأنه بذلك يكون شبيهًا بربا الفضل، وأما إذا اختلفت فلا يجوز (٥).


(١) "المجموع" للنووي (٩/ ٤٠٣) قال: والجواب عن حديث سَمُرة من وجهين: … جواب الشافعي أنه حديث ضعيف … والثاني: أنه محمول على أن الأجل في العوضين، فيكون بيع دَيْن بدَيْن، وذلك فاسد.
(٢) "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٦٤) قال: تفاضل في أشياء، وهي المكيلات بجنسها، والموزونات بجنسها، ونساء في أشياء هي المكيلات بالمكيلات، ولو من غير جنسها، والموزونات بالموزونات كذلك ما لم يكن أحدهما نقدًا.
(٣) أخرجه الترمذي (١٢٣٨)، وقال: حديث حسن، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الصحيحة" (٢٤١٦).
(٤) أخرجه أحمد (٥٨٨٥)، وضعف إسناده الأرناؤوط.
(٥) "الفروق ومعه تهذيب الفروق" للقرافي (٣/ ٢٥٥) قال: "ما اتفقت منافعه منها لا يجوز فيه مع التفاضل النساء، فلا يجوز عنده شاة واحدة بشاتين إلى أجلٍ، وما اختلفت منافعه منها يجوز فيه مع التفاضل النَّساء".

<<  <  ج: ص:  >  >>