للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستغني عنها الناس في حياتهم، لكننا عندما نلقي نظرةً دقيقةً على اللحم، نجد أنه يختلف من حيث أنواعه؛ فهناك لحم السمك الذي يُستخرج من البحر، كالحوت والسمك بجميع أنواعه، فالسمك له أنواع كثيرة، وهذا يعرفه أهل الخبرة أو مَنْ يأكله، وكذلك لحم بهيمة الأنعام، وهي أنواعٌ أيضًا؛ كالبقر والغنم، وهناك من الوحوش ما يُشْبهها.

إنَّ الفقه أبوابه مرتبطة بعضها ببعض، فإذا فك الربط بينها، فلا تستطيع أن تجمع علمًا بخلاف إذا ما ربطت بعضها ببعض، فانظر إلى الزكاة وعلاقتها بالصيد، وهذا سَنتكلَّم عنه إنْ شاء اللّه، وهناك أيضًا لحم الطير، فهل هذه كلها نوع واحد كما هي الرواية عن الشافعي؟

فالإمام الشافعي يرى أن اللحوم مهما تعددت أنواعها وأصنافها ومصادرها التي تأتي منها؛ سواء كانت تعيش في البر أو في البحر، أو كانت مما يطير، فكُلُّها يجمعها صنف واحد هو اللحم، هذا هو مذهب الإمام الشافعي في رِوَايةٍ (١).

على العكس من ذلك مذهب الإمام أبي حنيفة: يرى أن اللحوم أجناس مختلفة، بل إنَّك تأتي من النوع الواحد فتجده أيضًا أجناسًا، مثل بهيمة الأنعام، فيها الإبل والبقر والغنم، فيَعُدُّ هذه الأصناف ثلاثةً؛ فلك أن تبيع لحم البقر بلحم الغنم، ولا تفاضل هنا؛ يعني: لا يريد الربا (٢)؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذه الأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ" (٣).


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (٤/ ٤٤)، حيث قال: "واللحم كله صنف واحد وحشيه وطائره وإنسيه".
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" للبلدحي (٢/ ٣٣) حيث قال: "واللحمان أجناس مختلفة يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلًا حتى لا يكمل نصاب بعضها من الآخر، إلا أن البقر والجواميس جنس، والمعز والضأن جنس، والبخت والعراب جنس".
(٣) أخرجه مسلم (١٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>