للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس كل الناس لديه المال ولديه القدرة إذا رأى رطبًا يتدلى من النخل، فنجد أن هذه الشريعة يسرت وخففت له، ووضعت له شروطًا ليأخذ ما يحتاج إليه، فرخصت له في العريَّة: أن يشتري الرطب على رؤوس النخل بالتمر، وهو خرص كما تعلمون، إذْ ليس هناك كيل، لكن حددوه:

١ - بدون خمسة أوسق.

٢ - وألَّا يكون عند الإنسان مالٌ.

٣ - وأنْ يكون أيضًا بحَاجَةٍ إلى ذلك.

وهناك شروط خمسة سنأتي إليها، وتفصيل ذلك - إن شاء اللّه - في محله، فالمزابنة أيضًا نُهِيَ عنها؛ لأنها نوع من أنواع الربا، ولذلك قال: الربا والمزابنة، وقد نَهَى الإسلام عنها؛ لأن فيها غبنًا، والإسلام يمنع من الغبن فيه؛ إذا غلب أحد الخصمين الآخر، والإسلام لا يرضى بذلك، لا يرضى بالغش، ولا بالغبن، ولا بالغرر، ولا بالجهالة، ولا بالتدليس وهو أن تزيد في السلعة وأنت لا تريد شراءها لتنفع صاحبها، ولا أن تتلقى الجلب، المزارعون الذين بذلوا جهودهم، وعاشوا عامهم يحفرون ويزرعون ثم بعد ذلك يحصدون ثم تأتي تقف لهم في معترض الطريق فتشتري منهم ثمنًا رخيصًا، ثم تذهب فتبيع على الناس، فالإسلام ما ترك أمرًا من الأمور التي فيها خير إلا أرشد ونبه إليه، ولا أمرًا من الأمور التي تضر في أمر ديننا ودنيانا إلا حذرنا منه، وأرشدنا إليه.

قوله: (وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: إِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ) (١) وقول ثالث: أنه يجوز مطلقًا، يعني أن تبيع اللحم بالحيوان، قالوا: لأنك تبيع ربويًّا بغير ربويٍّ، أصبح الآن أحدُهُما ربويًّا والآخر غير ربوي، إذ الربا لم يتحقق في الصنفين، فلما لم يتحقَّق في الصنفين


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٦٨) حيث قال: "ويجوز بيع اللحم بالحيوان عند أبي حنيفة وأبي يوسف".

<<  <  ج: ص:  >  >>