للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاز؛ كما أن لك أن تشتري هذا اللحم بالدينار أو بالدرهم أو بالريال، إذ جاز لك أن تشتري هذا المال، نَقُول عنه: ربوي بالدراهم إذ رخص لك فيه، فأحدهم ربوي، والآخر ليس ربويًّا، فلك أن تفعل، فهذه وجهة الحنيفية.

قَوْله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ مُعَارَضَةُ الأُصُولِ فِي هَذَا البَابِ)، هو يريد أن يربطَ بين الأصول المعروفة في أبواب البيوع، فمن الأصول: أنه لا يجوز الربا، ومن الأصول المعروفة: "الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل" (١)، هذه قاعدة يضعها الفقهاء، وهناك أيضًا الغبن (٢)، فهو من الأصول الممنوعة في الشريعة الإسلامية في أحكام البيوع، وهناك أيضًا الغرر (٣)، فلا يجوز لك أن تغرر بأخيك المسلم، ولذلك في قصة القلادة (٤) التي بيعت باثني عشر دينارًا؛ منع الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، وأمر بفصلها، فلما فُصلت وجد أن ما فيها من الذهب أكثر مما في الاثني عشر دينارًا.


(١) هذه القاعدة تختص بالمسائل الربوية، فالشرط في حل تبادل الأموال الربوية تحقيق المماثلة بينها، وعند الشك في تحقق المماثلة أو الجهل بها تفسد المعاملة وتبطل لاحتمال الربا، وعند وجود أدنى شك في المماثلة أو وقوع المفاضلة فيجب إبطال العقد احتياطًا للدِّين؛ لأن باب الربا مبني على الاحتياط. يُنظر: "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" المشهور بـ "قواعد ابن رجب" (٢/ ٤٧٨) لابن رجب الحنبلي، و"موسوعة القواعد الفقهية" (٣/ ٥٠) محمد صدقي آل بورنو.
(٢) "الغبن": مصدر غبن الرجل فِي البيع غبنًا وغبنًا، يقال: غبنته في البيع بالفتح، أي: خدعته. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢١٧٢).
(٣) "الغرر": الخطر، وبيع الغرر هو ما يتضمن خطرًا كبيع السمك في الماء، والطير في الهواء. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٧٦٨)، و"المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٤٤٤).
(٤) أخرجها مسلم (١٥٩١) عن فضالة بن عبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارًا، فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لَا تُبَاعُ حتى تُفْصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>