للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرسل صحيح، وقد أخرجه أيضًا أبو داود (صاحب السنن) في "مراسيله" (١)، وأخرجه أيضًا غير الإمام مالك في "الموطأ"، لكنهم كلهم اتفقوا على أنه مرسل، وله روايات أخرى ضعيفة، لكن أقواها هذه التي أخرجها الإمام مالك في "الموطإ"، والَّتي جاء بها المؤلف، وتكلَّم عنها العلماء، وممن تكلم فيها الحافظ ابن عبد البر الإمام المعروف (٢).

قوله: (فَمَنْ لَمْ تَنْقَدِحْ عِنْدَهُ مُعَارَضَةُ هَذَا الحَدِيثِ لِأصْلٍ مِنْ أُصُولِ البُيُوعِ الَّتِي تُوجِبُ التَّحْرِيمَ قَالَ بِهِ)، لم تنقدح عنده؛ لم يظهر عنده القياس، وما يعرف بالقوادح، وهي من أكثر أصول الفقه عمقًا وصعوبةً، وهي مسائل تَرِدُ على القياس، ولذلك تجد فيها دقةً وصعوبةً، وتحتاج إلى بذل جهدٍ، وإلى اعتناءٍ واهتمامٍ.

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ الأُصُولَ مُعَارِضَةٌ لَهُ (٣) وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُغَلِّبَ الحَدِيثَ، فَيَجْعَلَهُ أَصْلًا زَائِدًا بِنَفْسِهِ، أَوْ يَرُدَّهُ لِمَكَانِ مُعَارَضَةِ الأُصُولِ لَه، فَالشَّافِعِيُّ غَلَّبَ الحَدِيثَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ غَلَّبَ الأُصُولَ، وَمَالِكٌ رَدَّهُ إِلَى أُصُولِهِ فِي البُيُوعِ، فَجَعَلَ البَيْعَ فِيهِ مِنْ بَابِ الرِّبَا)، يَعْني: مُرَاد المؤلف: هل هذه الأصول التي وردت في أبواب البيوع من المعاملات التي مرت بمثابة أصول وقواعد في ذلك الباب،


(١) "المراسيل" لأبي داود (١٦٦).
(٢) قَالَ ابْن عبد البر: "هذا الحديث وإن كان مرسلًا فهو حديث مشهور أرسله الأئمة، وحدَّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز وتلقَّوه بالقبول، وجرى في المدينة به العمل، وقد زعم الشافعي أنه تتبع مراسيل سعيد بن المسيب فألفاها صحاحًا، وأكثر الفقهاء يحتجون بها، وحسبك باستعمال أهل المدينة وسائر أهل الحجاز لهذا الحديث". "التمهيد" لابن عبد البر (١١/ ٨٢).
(٣) قال ابن عبد البرِّ فِي "الاستذكار" (٦/ ٢٤٢): "لا أعلم حديث النهي عن بيع الحيوان باللحم يتصل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وَجْهٍ ثَابِتٍ، وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب على ما ذكره مالك في "موطئه".

<<  <  ج: ص:  >  >>