للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل نقدم تلك الأصول أو نأخُذُ بالحديث المرسل؟ هناك مَنْ أخذ بالحديث المرسل، وهناك من اعتبر تلك الأصول وقوَّاها.

وقد يَرِدُ سؤال؛ فيقول قائل: لماذا يترك الحديث المرسل ويؤخذ بالأصول؟

والجواب: أنهم يَرَون أن تلك الأصول بُنيَتْ على أدلة، وتلك الأدلة إنما هي موضع اتفاق، إذ تلك الأصول استندت على أصل من كتاب وسُنَّة، فزادتها قوة، فهذه القوة مكَّنتها من أن تكون معارضةً لهذا الأثر.

قوله: (أَعْنِي: بيعَ الشَّىْءِ الرِّبَوِيِّ بِأَصْلِهِ)، مِثْلَ بَيْعِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ، وَسَيَأْتِي الكَلَامُ عَلَى هَذَا الأَصْلِ)، لو أنك أخذت صاعًا من القمح فطحنته، هَلْ يَجُوز لك أن تبيع هذا الصاع بصاع من القمح الذي لم يطحن؟ يجوز لك أصلًا أن تبيع صاعًا بصاع حتى لو اختلف مورده، فهل سيبقى هذا الصاع الذي طحنته صاعًا أم أنه سينقص؟

الجواب: سينقص؛ لأنه كما ذكر الفقهاء (١): الدقيق يأخذ حيزًا أكبر


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" للبلدحي الحنفي (٢/ ٣٢)، حيث قال: "ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق ولا بالنخالة، ولا الدقيق بالسويق"، والأصل فيه أن شبهة الربا، وشبهة الجنسية ملحقة بالحقيقة في باب الربا احتياطًا للحرمة، وهذه الأشياء جنس واحد نظرًا إلى الأصل، والمخلص هو التساوي في الكيل، وأنه متعذر لانكباس الدقيق في المكيال أكثر من غيره، وإذا عدم المخلص حرم البيع".
ومذهب المالكية، ويُنظر:"شرح التلقين" للمازري (٢/ ٢٨٥) حيث قال: "وأجيب عن هذا بأن هذا التفرق في الأجزاء يوقع في التفاضل لكون الأجزاء التي هي ملء صاع أكثر من الأجزاء التي في الدقيق الذي هو ملء صاع".
ومذهب الشافعية، ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ١٠٩) حيث قال: "وأما الكيل فلأن تفريق أجزاء الدقيق بالطحن واجتماع أجزاء الحنطة يحدث بينهما في المكيال اختلافًا يحيط العلم بالفضل بينهما، والتفاضل محظور بالنص". =

<<  <  ج: ص:  >  >>