للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المكان من الصاع؛ بمعنى أنه لا يترك فراغًا، أما القمح وغيره فيترك فراغًا بين حبَّاته، ولذلك فإن العلماء يرجعون في ذلك إلى الميزان؛ لأنَّ الميزان هنا لا يمكن أن يختلف في الأمر، هنا الميزان يختلف عن المكيال؛ لأن الميزان سيبين لك وزن هذا، ووزن هذا، وسيأتي الكلام عن القمح إن شاء اللّه.

قوله: (فَإِنَّهُ الَّذِي يُعَرِّفُهُ الفُقَهَاءُ بِالمُزَابَنَةِ)، أيضًا المزابنة هي المعروفة: بيع التمر بالرطب، وقد استثني منها بيع العريَّة؛ لأن رَسُولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - رخَّص فيها، ولا نريد أن ندخل في أحكام المزابنة، ولا في العريَّة؛ وسيأتي الكلام عنها إن شاء اللّه.

قوله: (وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الرِّبَا بِجِهَةٍ، وَفي الغَرَرِ بِجِهَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مَمْنُوعَة فِي الرِّبَوِيَّاتِ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا، وَالغَرَرِ)، تعلمون أن الربا هو الزيادة، والغرر إنما هو الجهالة، يعني: إنسان يغرر بإنسان، وكلا الأمرين محرم، فالربا - كما هو معلوم - حرمه الله تعالى في كتابه العزيز، وحرمه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وهو أيضًا من الكبائر (١)، وكذلك الغرر أيضًا لا يجوز بما فيه من الجهالة، وربما يؤدي إلى ظلم أحد الطرفين.

قَوْله: (وَفِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ مِنْ جِهَةِ الغَرَرِ فَقَطْ، الَّذِي سَبَّبَهُ الجَهْلُ بالخَارجِ عَنِ الأَصْلِ)، والغرر هو وجود غبن لأحد الطرفين، سلعة لا تعرف تفصيلها، نعم هناك أمور تستثنى؛ كشراء الدار، فإنه لا يحتاج إلى أن تحفر، ولا أن تعرف أصلها، لكن بعض الأمور لا بد من معرفة ما يتعلق بها.


= ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٢١) حيث قال: "إنما تباع الحنطة بالدقيق وزنًا؛ لأنها قد تفرقت أجزاؤها بالطحن وانتشرت، فتأخذ من المكيال مكانًا كبيرًا، والحنطة تأخذ مكانًا صغيرًا، والوزن يسوي بينهما".
(١) أخرج البخاري (٥٣٤٧) عن أبي جحيفة، قال: "لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله".

<<  <  ج: ص:  >  >>