قوله:(مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي بَيْعِ الدَّقِيقِ بالحِنْطَةِ مِثْلًا بمِثْلٍ)، هذه المسألة لو أردنا أن نفصل الحديث عنها لَاحتجنا إلى درَوسٍ، لكننا نحاول أن نُلِمَّ بالأصول؛ لأنك عندما تأخذ هذه الحنطة فتطحنها، ستتحول إلى دقيقٍ، وهذا الدقيق كم يصنع منه من الأصناف وبخاصةٍ في هذا الزمان، كما نعرف الكعك وهو أنواع كثيرة جدًّا، وهناك ما يعرف بالفطائر، والهريسة، وهناك كثير من أنواع الأطعمة تُصْنع من هذا الدقيق، إذًا، ما الطريق إلى أن نعرف الحكم في مثل هذه الأمور؛ لنقرِّب لكم المشكلة هنا أن تبيع صنفًا من هذه الأنواع من صنف بمثله أو بغيره، لكن لو اشتريت هذا شراءً، فلا مُشْكلةَ فيه، الكلام هنا أن تشتري نوعًا بنوع من جنسه أو بنوعٍ آخَرَ، أما لو اشتريت بالدراهم أو الدنانير بالريال الآن، فهذا أمر لا إشكال فيه.
هذه الحنطة إذا طحنها الإنسان، فتحولت من كونها حبيبات صغيرة إلى أن أصبحت دقيقًا ناعمًا، هل تغير وضعها؟ كانت تسمى حنطةً، والآن أصبحت تسمى دقيقًا، فهل تَغيُّر الاسم يؤثر في تغير الحكم، أو يبقى الحكم كما كان، ولو أردنا أن نتعامل في الدقيق فهل نرده إلى أصله أو أننا نجعله قد انفصل عنه وأصبح بهذا التحول صنفًا جديدًا؟
بَعْضُ العلَماء يجعله بمثابة الحنطة وإنْ طحن، وإن لم يضف إليه غيره؛ لأن العلماء يقسمون ذلك إلى قسمين: دقيق مجرد لم يضف عليه غيره، ودقيق أضيف عليه غيره، كما نرى الآن في أنواع المأكولات؛ بعضها أُضِيفَ إليها اللبن، والبعض أُضِيفَ إليها العسل، فهل هذا يتغير؟
نبقى الآن عند الطرف الأول، وهو الدقيق الذي لم يخالطه غيره، ما حكمه؟
يرَى بعض العلماء أنه يأخذ حكم الأصل، وأنه يجوز أن تبيع الدقيق بالقمح، وقاسوا ذلك على الحنطة المكسرة، فلو وُجِدَ نوعٌ من الحنطة مكسر الحبوب، وحنطة سليمة، فهل يجوز البيع؟ قالوا: نعم، هذا مثله تمامًا، أكثر ما فيه أنه كسر، فدُقَّ فأصبح شيئًا ناعمًا، وبعضهم يقول: لم