أيضًا العجين بالعجين، فالعجينة مجردة خالصة لم يضف إليها إلا الماء، لكن هذه العجينة قد يضاف إليها البيض أو العسل، إذن تغيرت، فإذا أضيفت هنا وهنا نفس المواد، يقع فيها الخلاف الذي وقع في الخبز، ولذلك إذا ربطنا أصول هذه المسائل، ألحقنا بها غيرها.
قوله:(وَسَبَبُ الخِلَافِ هَلِ الصَّنْعَةُ تَنْقُلُهُ مِنْ جِنْسِ الرِّبَوِيَّاتِ، أَوْ لَيْسَ تَنْقُلُهُ؟)، القمح أو الحنطة التي طحنت ثم عجنت ثم بعد ذلك خبزت، تغيرت وأصبحت دقيقًا، ثم أضيف إليها الماء، فعجنت وأضيف إليها الملح أيضًا، ودخلتها النار، والنار جعلته صالحًا للأكل، وأيضًا ممكن يبقى رطبًا، هذا يختلف عن ذلك.
قوله:(وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْهُ فَهَلْ تُمْكِنُ المُمَاثَلَةُ فِيهِ أَوْ لَا تُمْكِنُ؟)، نقول: نقارب ذلك، ولا نستطيع أن نجزم أن المماثلة تحققت مائة بالمائة، لكن يستطيع الإنسان أن يقارب، فلو عجنت عجينة ووضعت بها ثلاث بيضات، ومثلها كذلك، ربما لو أردنا أن ندقق أو نشدد ربما قلنا: إنَّ بعض البيض أكبر من البعض.
إذًا، نحن لو سرنا وراء هذه الأمور، صَعب علينا أن نحددها.
لو قلنا: هنا ثلاث بيضات متوسطات، وهناك كذلك، وهنا زبدة وهناك مسلى، نقرب الأمور وعندما نزنهم يكونا وزنًا واحدًا، فيزال الفارق، لكن أن تعرف ذلك بقدرٍ دقيقٍ جدًّا، أظن هذه الشريعة التي بُنيَتْ على أسسٍ عظيمةٍ، منها مراعاة مصالح الناس.
= القاسم أنه أجاز العجين بالعجين مثلًا بمثل، ورواه عن مالك"، و"شرح التلقين" للمازري (٢/ ٣٩٩) حيث قال: "بيع العجين بالعجين لا يجوز متفاضلًا، وإنما يعتمد في نفي التَّفاضل على تحرِّي ما في العجينين من دقيق، فإذا تَسَاوى كيل الدَّقيقين اللَّذين عجنا، جاز مبادلة أحدهما بالآخر، على القول بجواز التَّحرِّي فيما فيه الرِّبا، وأنَّه يقوم مقام الكيل".