للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَنْقُلُهُ (١)، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَنْقُلُهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي إِمْكَانِ المُمَاثَلَةِ فِيهِمَا).

مَالكٌ رحمه اللهُ له طريقان في ذلك:

الطريق الأوَّل: هو التقدير، أن يقدرها كالحزر مثلًا، كما نعلم العمال الذين يذهبون إلى أخذ الزكاة يخرصون (٢) ذلك بالنسبة إلى الثمار، ولا يستطيعون أن يعرفوا لذلك قدرًا معينًا، وإنما يتركون الثلث والربع لصالح مالك ذلك البستان؛ ولذلك إذا خرصته فدع الثلث، فإن لم تدع الثلث فدع الربع، إذًا، الخرص يقوم على التقدير؛ هو منهج التقدير والحزر أي: التخمين (٣)، والخرص والظن، إذًا قضية ليست محققةً، القضية الأولى قضية الوزن، وعن طريق الوزن يلتقي الحنابلة (٤) مع المالكية في هذه المسألة، إذًا كأن الحنابلة يتشددون أكثر في قضية معرفة القدر، وأنه لا بدَّ من وَزْنٍ، أما المالكيَّة فلهم طريقان؛ أحدهما طريق مبني على التخفيف {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.

قوله: (فَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ اعْتِبَارَ المُمَاثَلَةِ فِي الخُبْزِ وَاللَّحْمِ بِالتَّقْدِيرِ وَالحَزْرِ فَضْلًا عَنِ الوَزْنْ) (٥).


(١) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٤/ ٩٥) حيث قال: "والخبز بالبر أو الدقيق متفاضلًا"، وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز بيعه به أصلًا؛ لأن بينهما شبهة المجانسة في الحال، ولا يعرف التساوي بينهما، فصار كبيع المقلية بغير المقلية، أو الدقيق بالحنطة، والأول أصح؛ لأن الخبز بالصنعة صار جنسًا آخر".
(٢) أصل "الخَرْص": إعمال الظن فيما لا يستيقن، ويخرصون النخل والثمار، يعني: يقدرون عدده أو كيله أو وزنه. يُنظر: "تهذيب اللغة" (٧/ ٦١).
(٣) يُنظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٤/ ٢٠٨).
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٦٧) حيث قال: " (و) يصح بيعٍ (خبزه بخبزه) كخبز برٍّ بخبز برٍّ مثلًا بمثل (إذا استويا) أي: الخبزان (نشافًا أو رطوبة) لا إن اختلفا".
(٥) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٥/ ٢١٢) حيث قال: "ولا بأس بالسلم في=

<<  <  ج: ص:  >  >>