للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو معروفٌ، وقد أخرج حديثه مالكٌ في "موطئه"، ومالكٌ لا يروي عن متروكٍ.

إذن، نعود فنقول: هذا الحديث - كما تقدم - رواه أحدَ عشرَ فأكثر من أئمة الحديث، منهم الإمامان الشافعي وأحمد، ورواه أيضًا أصحاب السنن، وأبو داود الطيالسي، والدارقطني، وهو معروفٌ بعلم الجرح والتعديل، والبيهقي في "سننه الكبرى" وغيرهم، كلهم رواه متابعةً للإمام مالك، رحمهم اللّه جميعًا.

ثم إنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ الحكم منوطًا بعِلَّتِهِ، فقال: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ "، فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك؛ لأن الذين طعنوا فيه قالوا: إنه جاء من رواية يحيى بن أبي كثيرٍ عن عبد اللّه بن يزيد، وقال: إن عبد اللّه بن يزيد رَوَاه عن مجهولٍ، يعني به زيدًا أبا عياش.

ثم ذكر الرواية التي صحَّحها بعض العلماء كالطحاوي (١) ووقف عندها؛ لأن الطحاوي يأخذ بمذهب أبي حنيفة، ونحن لا نقول: إن الطحاوي صحح الحديث؛ لأنه حنفي المذهب، فهو أجلُّ وأنزه مِنْ أنْ يحصل منه ذلك، لكنه في هذه الرواية ذكر أن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الرُّطَب بالتمر نسيئةً، والحقيقة - كما ذكر الحاكم والخطابي وغيرهم - أن هذا الحديث صحيحٌ، وحسَّنة الترمذي كذلك، ولقد عرض المؤلف لذلك بإيجازٍ، فقال: فإن السَّبب في ذلك ما روى مالكٌ عن سعد بن أبي وقاص - صلى الله عليه وسلم -.

وسعد بن أبي وقاص هو خال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أَحَد العشرة المبشرين بالجنة، وهو قائد معركة القادسية التي حدثت بين المسلمين والفُرْس في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (٢).

قوله: (أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ


(١) "شرح معاني الآثار" (٤/ ٦).
(٢) ترجمته في "الاستيعاب" (٢/ ٦٠٦) لابن عبد البر، و"الإصابة" لابن حجر (٣/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>