للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف لأبي حنيفة رحمهم اللّه، ولا شك أن مذهبَ الجمهور أقوى؛ لأن التدقيق في هذه الأمور يصعب، وقد يورث الوسواس، والشريعة الإسلامية بُنِيَتْ على اليُسْر، والمهم ألَّا يوجد فارقٌ واضحٌ يُغْبَنُ فيه أحد الطرفين، أما اليسير فلا يضرُّ.

قوله: (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي بَيْعِ الجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ فِي الأَصْنَافِ الرِّبَوِيَّةِ).

في هذه المسألة ذكر الرديء والجيد، ثم شرع في مسألة: هل يجوز بيع الجيد بالرديء؟

والمراد بالأصناف الرِّبوية هي التي نهى الشارع فيها عن الربا بنوعيه، فإن وُجِدَ التماثل، زال ربا الفضل، وإن قُبِضَ الثمن والمُثْمَن، زال ربا النسيئة، وإن اختلفت الأجناس، زال ربا الفضل …

بيع الجيد بالرديء: كتمرٍ ممتازٍ بتمرٍ دونه، وبيع التبر (١) بالمضروب، يعني: الذهب غير المسبوك بالمسبوك، أي: القِطَع أو الذهب الذي أصبح نقودًا، وهل يجوز بيع المكسر بالصحيح؟

أكثر أهل العلم (٢) يجيز ذلك؛ لأن شرط التماثل موجود: تمر بتمر، لكن القصد هو التماثل في الفرق أي: في الزيادة، أما النوع فهذا لا أثرَ له، وهذه لم يتعرض لها المؤلف، ولعله لم يفعل؛ لأن الخلاف فيها يسيرٌ، فدخوله في مسألة بيع الجيد بالرديء تُوهِمُ القارئ بأنها محل خلافٍ، والحقيقة أنه لا خلاف فيها، كما سيأتي.


(١) التبر ما كان من الذهب والفضة غير مصوغٍ. "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٨).
(٢) "المغني" لابن قدامة (٤/ ٨) قال: "والجيد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور سواء في جواز البيع مع التماثل، وتحريمه مع التفاضل، وهذا قول أكثر أهل العلم".
ويُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٥٢) قال: " (وجيد الربوي ورديئه) سواء (وتبره ومضروبه) سواء (وصحيحه ومكسوره في جواز البيع متماثلًا) يدًا بيدٍ (وتحريمه متفاضلًا)، أو مع تأخير القبض سواء".

<<  <  ج: ص:  >  >>