للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُبَاعَ).

كأن هناك كلامٌ محذوفٌ يقول فيه: يجوز، وهذه التي صوَّرها المؤلف ليست محلَّ خلافٍ، لكنه ركَّز على مذهب مالكٍ، وكل الأئمة - فيما أعلم - لا يُجيزُونَها.

قوله: (مِنْهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ).

انتبه: صنف واحد.

قوْله: (وَسَطٌ فِي الجَوْدَةِ بِصِنْفَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ، وَالآخَرُ أَرْدَأ، مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ مُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ وَسَطٍ بِمُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الوَسَطِ، وَالآخَرُ أَدْوَنُ مِنْهُ).

كأَنْ يبيعَ صاعين من تمرٍ وَسَطٍ بصاعين أحدهما أجود مِنَ الأول، الأول - كما نقول - فاخرٌ ممتازٌ، درجة أولى، والثاني أقلُّ من الوسط، فالتُّهمة هنا قائمةٌ، أقصد وسيلة أو شُبْهَة قد تُوصِلُ إلى الربا، يعني: حيلة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - حذَّر المسلمين من الحِيَلِ، وقال: "لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ اليَهُود، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الحِيَلِ" (١).

فهذا إنسانٌ يبيع صاعين من تمرٍ متوسط الجودة بصاعين من تمرٍ أحدهما رديءٌ والآخر جيدٌ أعلى من الوسط، فكأنه يريد أن يَجْبر الفرق، وهنا وُجِدَتِ الجهالة وعدم المماثلة، وبعدم المماثلة تحقَّق ربا الفضل، وكما تقدم في القاعدة: "الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل"، فإذا تعذر ضبط التساوي، فكأن التفاضل قد تحقق، والتفاضل بين المطعومات والنقود من جنسٍ واحدٍ غير جائزٍ.

قَوْله: (فَإِنَّ مَالِكًا يَرُدُّ هَذَا لِأَنَّهُ يَتَّهِمُهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَصَدَ أَنْ


(١) أخرجه ابن بطة في "إبطال الحيل" (ص ٤٦)، وجوَّد إسنادَه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>