للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدْ بيَّنَّا أن أصحابَ الفريق الثاني -ومن ينصر أيضًا هذا الرأي- ذهبوا إلى أن في الآية قرينةً تدلُّ على أن المرادَ بذَلكَ هو مكان الأذى، وبيَان ذلك أنَّ اللهَ تعالَى قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}، قالوا: هذا وصفٌ، وقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، قالوا: وهذا حكمٌ، فقد نُهِيَ عن الحكم لسببِ، وهذا السبب هو الوصف، وهذا الوصف هو علة الحكم.

وسبق أن ذكرنا أدلةً على ذلك:

(١) منها قول اللّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، فالحُكْمُ: هُوَ القطعُ … وعلةُ الحُكْم هي السرقة.

(٢) ومنها قول اللّه تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فالحكم: هو الجلد … وعلةُ الحُكْم أو علةُ إيجاب الحكم إنما هو الزنا … هذا هو ملخص ما يدور في هذه المسألة التي أوردها المؤلف -رَحِمَه اللهُ-.

قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ رَامَ الجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الآثَارِ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الآيَةِ عَلَى هَذَا المَعْنَى الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الخِطَابُ الوَارِدُ فِيهَا، وَهُوَ كوْنُهُ أَذًى؛ فَحَمَلَ أَحَادِيثَ المَنْعِ لِمَا تَحْتَ الإِزَارِ عَلَى الكَرَاهِيَةِ، وَأَحَادِيثَ الإِبَاحَةِ وَمَفْهُومَ الآيَةِ عَلَى الجَوَازِ).

مِنَ العُلَماء مَنْ قَالَ ذَلكَ، ومنهم مَنْ حَمَل ما تحتَ الإزار على الجواز، وما فَوْقه على الاستحباب.

قوله: (وَرَجَّحُوا تَأْوِيلَهُمْ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِسْمِ الحَائِضِ شَيءٌ نَجِسٌ إِلَّا مَوْضِعُ الدَّمِ).

هَذَا مما يسهل أدلَّة الذين قالوا بجواز الاستمتاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>