وقَدْ بيَّنَّا أن أصحابَ الفريق الثاني -ومن ينصر أيضًا هذا الرأي- ذهبوا إلى أن في الآية قرينةً تدلُّ على أن المرادَ بذَلكَ هو مكان الأذى، وبيَان ذلك أنَّ اللهَ تعالَى قَالَ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}، قالوا: هذا وصفٌ، وقوله تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، قالوا: وهذا حكمٌ، فقد نُهِيَ عن الحكم لسببِ، وهذا السبب هو الوصف، وهذا الوصف هو علة الحكم.
وسبق أن ذكرنا أدلةً على ذلك:
(١) منها قول اللّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، فالحُكْمُ: هُوَ القطعُ … وعلةُ الحُكْم هي السرقة.
(٢) ومنها قول اللّه تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢]، فالحكم: هو الجلد … وعلةُ الحُكْم أو علةُ إيجاب الحكم إنما هو الزنا … هذا هو ملخص ما يدور في هذه المسألة التي أوردها المؤلف -رَحِمَه اللهُ-.