للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (إِلَى الأَجَلِ الَّذِي يجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَهَذَا عِنْدَهُ كُلُّه جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ مُسْتَأْنَفٌ)، الشافعي عنده كله جائز؛ لأن وِجْهَته في هذا أنه لا ينبغي أن نتهم الناس، وأن نبقي الأصل على براءة الذمة، ولكن الآخرين قالوا: لا، هذه أبواب لو فتحت لكانت شرًّا، وهي أبوابٌ توصل إلى الربا، لكن ليس معنى هذا أن الشافعي يُحِلُّ هذا الأمر ويرى أنه حرام، فالشافعي رَحِمَهُ اللهُ لم يظهر له ذلك، فهو يرى أن العلة في ذلك تهمل؛ فهذا شئ مستأنف؛ انتهى العقد الأول وهذا عقد جديد، فلا يدخل الربا (١).

ويريد الجمهور أن يسدَّ أبواب الذرائع، فيقول: كل ما يوصل للمحرم فينبغي أن نغلقه، وقالوا: هناك رابطة بينهم، وأن البيعتين إذا اجتمعتا صارتا بيعةً واحدهً، والشبهة قائمة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ" (٢).

* قوله: (وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ هَذِهِ المَسْأَلَةِ وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِينَارٍ مُؤَجَّلَةٌ، فَيَشْتَرِي مِنْهُ غُلَامًا بِالتِّسْعِينَ دِينَارًا الَّتِي عَلَيْهِ، وَيَتَعَجَّلُ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَذَلِكَ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ) (٣).

هذه مسألةٌ أخرى تختلف، استثناها العلماء؛ لأنه لا شبهة فيها.


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٢٨٨) حيث قال: "لأن لكل واحد من العقدين حكم نفسه بدليل أن كلَّ واحدٍ منهما يصح مع التراضي، ويبطل مع الإكراه، ويفتقر إلى البدل والقبول، وإذا انفرد كلُّ واحدٍ منهما بحكم نفسه لم يجز اعتبار أحدهما بالآخر، ولا بناء أحدهما على الآخر".
(٢) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١/ ٤٤).
(٣) وذلك أنها صورة صحيحة للبيع، فهي مبادلة بمال بعرض فيما يخص التسعين دينارًا، ووفاء الدين في العشرة الباقية، والأصل الإجماع على صحة البيوع؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، إلا ما أتى الدليل بفساده. قال في "التلقين" (٢/ ١٤١): "كل بيع فالأصل فيه الجواز إلا ما تعلق به ضربٌ من ضروب البيع".

<<  <  ج: ص:  >  >>