للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ).

هذه من المسائل المهمة في أبواب الفقه؛ وهي بيع الطعام بالطعام قبل قبضه، هل القبض خاص بالطعام أم لا؟ وإذا قلنا: هو خاص بالطعام، فهل يختص بالمكيل مثلًا أو الموزون والمعدود، وما عدا ذلك، أم أن ذلك عام في كل شيء (يعني: أي سلعة تبيعها فلا بد من أن تقبضها)؟

لا شك أنه وردت أحاديث كثيرة فيما يتعلق بالطعام، منها حديث عبد الله بن عمر الصحيح أنه قال: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه (١).

إذًا، هذا نصٌّ، وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ" (٢)، أي: لا يجوز له أن يبيعه حتى يقبضه من البائع؛ ولأنه أيضًا قبل القبض في ضمان البائع، والأحاديث كثيرة جدًّا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام حتى يكون فيه الصاعان (٣): صَاع البائع وصَاع المشتري، فهذا دليل على أنه لا بد من القبض.

إذًا، هل هذا خاصٌّ بالطعام أو أنه أيضًا عام؟

بعض العلماء قال: هذا خاص بالطعام، وأما غير الطعام فيجوز أن يباع قبل قبضه، أما الطعام فقد ورد فيه نص، فينبغي أن نقف.

وآخرون قالوا: لا، هذا يشمل الطعام وغيره بدليل أن عبد الله بن


(١) أخرجه البخاري (٢١٣٧)، ومسلم (١٥٢٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٢٢٨) وغيره، وحسَّنه الأَلْبَانيُّ في "صحيح سنن ابن ماجه" (٥/ ٢٢٨)، ولفظه عن جابر قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ البَائِعِ، وَصَاعُ المُشْتَرِي".

<<  <  ج: ص:  >  >>