للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدت له طُرُقٌ أخرى متعددة أو قرائن تُعضِّده، فإنه يَرْتفع ليصبح حُجَّةً في ذلك أيضًا، وحادثة حصلت أمام المقداد، رأى رجلين فَعلَا ذلك، أي: ضع وتعجل، فقال: كلاكما قد آذن بحربٍ من الله ورسوله (١)، أي: أنكر عليهما ذلك.

وأثر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه أنكر ذلك، ونهى عنه (٢) .. هذا من حيث الدليل المنقول.

أما من حيث الدليل المعقول، فإنهم قالوا: هذا بيع حلول، يعني بيعٌ حلَّ قبل أجله، وهذا لا يجوز، وأيضًا قاسوا ذلك على: أتقضي أم تربي، ووجه الجمع بينهما أن تلك الصورة زِيدَ في الأجل، فزِيدَ في الثمن، وهذه نقص في الأجل، فنقص في الثمن، فبينهما شبه، فَهَل هذا الشبه يكون حُجَّة لمنع هذه المسألة؟ هذا هو ما احتج به المانعون (٣).

وذهب فريق آخر من العلماء وهي رواية ليست المشهورة عن الإمام أحمد، وهو قول عبد الله بن عباس من الصحابة - رضي الله عنهم -، وقول إبراهيم النخعي من التابعين، وأبي ثور من الشافعيَّة (٤)، وَكَذلك زُفَر من الحنفية (٥)، هؤلاء ذهبوا إلى أن مسألة "ضَعْ وتعجَّل" تجوز، أي: أنه يجوز للدائن أن ينقص


(١) أخرجه الطبرانيُّ في "المعجم الكبير" (٥٩٧)، والحديث رجاله رجال الصحيح عدا أحد رجاله، وهو أبو المعارك غير معروف. يُنظر: "مجمع الزوائد" (٤/ ١١٦).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٤٣٥٩) عبد الرحمن بن مطعم قال: سألت ابن عمر عن رجلٍ لي عليه حق إلى أجل، فقلت: عَجِّل لي وأضع لك، فنهاني عنه، وقال: "نهانا أمير المؤمنين أن نبيع العين بالدَّين".
(٣) قال ابن قدامة في "المغني" (٤/ ٣٦٧): "ولنا أنه يبذل القدر الذي يحطه عوضًا عن تعجيل ما في ذمته، وبيع الحلول والتأجيل لا يجوز، كما لا يجوز أن يعطيه عشرة حالَّة بعشرين مؤجلة".
(٤) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١١/ ٥٨) حيث قال: "وبه قال النخعي وأبو ثور. وقال أبو ثور: ليس هذا بيعًا، إنما هذا حط".
(٥) يُنظر: "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (١١/ ٦٤) حيث قال: "قال زفر في رجلٍ له على رجلٍ ألف درهم إلى سنة من ثمن متاع أو ضمان، فَصَالحه منها على خمس مئة نقدًا: إن ذلك جائز".

<<  <  ج: ص:  >  >>