للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوله هذا يتناقض مع ما نَسَبَهُ إلى الإمام الشافعي آنفًا بأنه يرى جواز بيع الطعام قبل قبضه، وقلتُ لكم حينها: يحتمل أن في العبارة سقطًا؛ لأن هذا القول لا يُعْرَف عن الشافعي، وها هو المؤلف يعود فيقول: إن الشافعي قاله في غير الطعام، أما الطعام فلا يرى جواز بيعه قبل قبضه، بل إن الشافعي يعمم الحكم، فيرى عدم جواز بيع أيِّ سلعةٍ إلا بعد قبضها؛ لأن الضمان عنده من مسؤولية البائع (١).

إذًا، هذه المسألة تنقسم إلى قسمين:

الأوَّل: الطعام الذي يشتريه الإنسان، هل لا بد من قبضه ليدخل في ملك المشتري وضمانه؟ وما الحكم لو تلف قبل القبض؟

بعض العلماء يرى أنه مِنْ ضمان البائع ما لم يقبض، فهو من ضمان المشتري، سواء كان مكيلًا أو موزونًا أو معدودًا، منقولًا أو غير منقولٍ، وذا هو مذهب الشافعي.

وبعضهم يفرق بين المكيل والموزون، أو بين المكيل والموزون والمعدود، فيقول: المكيل والموزون والمعدود لو تلف قبل قبضه، فَمِنْ ضمان البائع، وعكسه ليس مِنْ ضمانه (٢)، وبعضهم يُفَرِّقُ بين الأموال


= ونقله النووي أيضًا في "شرح مسلم" (١٥/ ١٧٠) قال: "أما مذهب عثمان البتي، فحكاه المازري والقاضي، ولم يحكه الأكثرون، بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه، قالوا: وإنما الخلاف فيما سواه، فهو شاذ متروك، والله أعلم".
(١) "الحاوي الكبير" للمارودي (٥/ ٢٢٠)، قال: " (قال الشافعي) وإذا نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يقبض؛ لأن ضمانه من البائع، ولم يتكامل للمشتري فيه تمام ملكٍ، فيجوز به البيع، كذلك قسنا عليه بيع العروض قبل القبض؛ لأنه بيع ما لم يقبض، وربح ما لم يضمن".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٤) قال: " (ولم يصح) من المشتري (تصرُّفه فيه) أي: فيما اشتراه بكيل أو وزن أو عدٍّ أو ذرعٍ (قبل قبضه ولو) تصرف فيه مشترٍ (من بائعه) له (ببيع) متعلق بتصرفه أي: لم يصح بيعه؛ لنهيه عليه السلام عن بيع الطعام قبل قبضه. متفق عليه. وكان الطعام يومئذٍ مستعملًا غالبًا فيما يُكَال ويُوزَن، وقيس عليهما =

<<  <  ج: ص:  >  >>