للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك فيه؛ لأنه لا يرى الضمان على البائع، ويلحقها بالإقالة (١).

أما الأئمة الثلاثة فقالوا (٢): إن القبض شرط فيها؛ لأنه قد جاء النص صريحًا في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ البَائِعِ، وَصَاعُ المُشْتَرِي" (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ" (٤).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ" (٥)، والأحاديث في ذلك كثيرة.

وعليه، تُعَدُّ هذه الثلاثة مبيعًا عند الأئمة الثلاثة، وحجتهم: أنَّ الشركة بيع جزءٍ من المبيع بثمنه للمشتري، فهو بيعٌ في الحقيقة (٦)، والتولية


(١) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٥/ ١٦٧)، قال: "التولية تجوز في الطعام قبل قبضه كالإقالة فيه".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٦/ ١٢٨)، قال: "ولو اشترى مكيلًا كيلًا، حرم بيعه وأكله حتى يكيله؛ أي: حتى يعيد كيله".
ومذهب الشافعية: ينظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ١٠٢) قال: "وللنهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: يعني صاع البائع، وصاع المشتري".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٨٥) قال: "وقبض كل شيء بحسبه، فإن كان مكيلًا، أو موزونًا، بيع كيلًا، أو وزنًا، فقبضه بكيله ووزنه".
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٢٢٨) عن جابر، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٦٩٣٥).
(٤) أخرجه أحمد في "المسند" (٤٤٤) و (٦٥٠) عن عثمان، وحَسَّنه الأرناؤوط.
(٥) أخرجه البخاري (٢١٣٣)، ومسلم (١٥٢٦/ ٣٦) عن ابن عمر.
(٦) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١١٠) قال: "الشركة على ضربين: شركة أملاك، وشركة عقود، فشركة الأملاك: العين يرثها رجلان أو يشتريانها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٣٤٨) قال: "الشركة إذن … في التصرف؛ أي: في أن يتصرف في مالٍ لهما؛ أي: للمأذونين معًا، وهو متعلق بالتصرف، فقوله: إذن في التصرف كالجنس يشمل الوكالة والقراض".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٥/ ٢٨١) قال: "الشركة … ثبوت الحق ولو قهرًا شائعًا في شيء لأكثر من واحد أو عقد يقتضي ذلك كالشراء".=

<<  <  ج: ص:  >  >>