يحتمل أن تَقَع الجهالة على السلعة بأن يعطي البائع أوصافًا غير دقيقةٍ لها، وربما يكون الجهل بعدم تعيين ثمن السلعة نفسها.
وَنَجد ذلك في بيع المنابذة، كأن يقول أحدهم (١): أيُّ ثوبٍ تنبذه إليَّ هو لك بكذا، فيشتريه، ولا يدقق النظر فيه، ولا يتبين صفة هذا الثوب، فربما يكون باليًا مع أنه جديد لمرورِ زمنٍ طويلٍ عليه، وربما يكون فيه بعض الحروق الخفية، أو فيه بعض الخروق الدقيقة، أو ربما تكون صناعته غير جيدة كما نرى في هذا الزمان، فهناك صناعات قوية جيدة متقنة، وهناك صناعات تأتي تقليدًا لتلك الصناعات.
فهذه الأمور ينبغي أن يدقق فيها البائع، فإذا أخذ السلعة فعليه أن يمحصها، ويدقق النظر فيها؛ لكي يكون على بَيِّنةٍ، وقد أرشدنا الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وليس ذلك من العيب، ولا ينبغي للإنسان أن يستحي إذا جاء إلى صاحب دكان أو حانوت أو متجر، فأراه السلعة ألا يقلبها، وألا يدقق فيها، وليس أيضًا من حق صاحب هذا المتجر أن يعارضه في ذلك؛ لأنه جاء يشتري بماله، فعليه أن يختار ما فيه مصلحته والخير له.
* قوله:(أَوْ بِقَدْرِهِ).
أي: وقَدْ تحصل الجَهالة بقدر المبيع، أو يكون القدر غير دقيقٍ، أما لو حُدِّد القدر بالمكاييل أو الموازين، أو قال مثلًا: هذا سبر من تمر،
(١) "المنابذة": أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إليَّ الثوب أو غيره من المتاع، أو أنبذه إليك، وقد وجب البيع بكذا وكذا. انظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (١/ ٢٣٤).