للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرف وصفها وشكلها ورآها حتى وإنْ لم يعرف دقتها، فلا حرج، وهناك بعض الأمور قد يُتَسامح فيها، كالَّذي يشتري بيتًا، فلا يحق له أن يطلب من البائع أن يحفر له لكي يرى أساسات البيت؛ لأن الأصل في الإنسان أن يحسن الظنَّ، والأصل في البيت أن يقوم على أساسٍ سليمٍ؛ وعليه لا يُشْترط أن ينظر إلى أساسه؛ لأنه من المُسلَّمات، فلا يتصور قيام بيتٍ بغير أساسٍ، وإنما القصد في مثل العقارات أن ينظر في الأمور الظاهرة، فهذا مما يغتفر فيه، وكل هذه الأمور تعتبر مقدمات سيدعمها ويؤيدها المؤلف بعد ذلك في أقوال سيذكر فيها الأمثلة مع أدلتها.

* قوله: (أَوْ بِأَجَلِهِ إِنْ كانَ هُنَالِكَ أَجَلٌ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ الجَهْلِ بِوُجُوبٍ، أَوْ تَعَذُّرِ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى تَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ).

ومعنى الجهل بوجوده: كأن يبيع ما لم يخلق، فمثلًا: إِنْ غرس غرسًا ولم يظهر بعد على سطح الأرض، فَهذا غير موجودٍ، ومثله ما يُعْرف ببيع المُعَاومة، وبيع السنين (١).

أَوْ لا يكون قادرًا على تسليمه، كأنْ يقول: أبيعك هذا الطير في السماء، فالطَّير يحتمل أنه يكون ملكًا له، ويحتمل أن يكون ملكًا لغيره، فإنْ لم يكن ملكًا له، فيكون قد جمع بين عيبين:

أوَّلًا: بيع ما لا يملك.

ثانيًا: بيع ما لم يستطع تسليمه، وإنْ كان ملكًا له، فَإنَّه يبيع ما لا يستطيع تسليمه، وتسليم المبيع شرط في البيع، ومثله أيضًا بيع السمك في الماء، أو ما يجهل مكانه كعبدٍ آبقٍ (أي: فرَّ) من صاحبه، أو جَمَل شرد أو فرس، أو سلعة اختفت أو غير ذلك من الأمور، فبيع ما لا يُسْتطاع تسليمه من البيوع المنهي عنها.


(١) "بيع المعاومة": وهو أن يقول: بعت منك ما يخرج من أرضي، أو شجري كذا عامًا بكذا درهمًا. انظر: "النتف في الفتاوى" للسُّغْدي (١/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>