للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أيضًا بيع السنين (١)، أي: أن يبيع إنسان ثمرة أو يشتريها لسنين مقبلة بعقدٍ واحدٍ (٢)، أما اشتراء الثمرة لعام، فهذا جائز، وسيأتي بشروطه المعلومة.

* قوله: ("وَعَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِي" (٣)).

"تُزْهِي"، أي: تحمر أو تصفر (٤)، فالرطب مثلًا ينبت صغيرًا، تم يصير بلحًا أخضر، ثم بعد ذلك يصفر، وليس شرطًا فقط أن يصفر، بل ربما يشترط الاحمرار.

ولذلك، جاء في الحديث أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ" (٥).

وفي رِوَايَةٍ: قَالَ: "حَتَّى تَحْمَارَّ" (٦).

أمَّا العِنَب، فقال فيه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَعَنْ بَيْعِ العِنَب حَتَّى يَسْوَدَّ" (٧)، وليس بقيد في العنب؛ لأن جميع أنواع العنب لا يظهَر نضجه بالسواد فقط، فمنه ما يسود إذا نضج، ومنه ما يحمر، ومنه ما يبيض، وربما يكون من أجود أنواع العنب المعروفة الآن، وتوجيه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "حَتَّى يَسْوَدَّ" إلى أنه أراد ضربَ المثل.


(١) أخرجه مسلم (١٥٣٦/ ١٠١) عن جابر قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين".
(٢) نقل ابن المنذر الإجماع عليه، قال في "الأوسط" (١٠/ ٦٠، ٦١): "وأجمع أهل العلم على أن بيع الرجل ثمر نخله سنين غير جائز، وهو يبطل من وجوه: يبطل من نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين، وأنه من بيوع الغرر الذي نهى عنه، وهو بيع ما لم يخلق، فلا يدرى أيكون أم لا؟، وإذا كان كيف يكون: كثيرًا أو قليلًا أم وسطًا؟ وقد تحول دونه الآفات إن حصلت النخل، فلا يصل إلى المشتري شيء ينتفع به".
(٣) أخرجه البخاري (١٤٨٨)، ومسلم (١٥٥٥/ ١٥) عن أنسٍ.
(٤) قال أبو عبيد: وزهوها أن تصفر أو تحمر. انظر: "غريب الحديث" (٣/ ٢٨٣، ٢٨٤).
(٥) أخرجه البخاري (٢١٩٨) من حديث أنسٍ - رضي الله عنه -.
(٦) أخرجه البخاري (١٤٨٨).
(٧) أخرجه أبو داود (٣٣٧١)، والترمذي (١٢٢٨) وقال: حسن غريب، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" رقم (١٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>