للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخير مِثَالٍ على ذلك ما حَصل بين المهاجرين والأنصار من الرَّوابط التي ربط بها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم من الأخوة والمحبة والمودة، واصطبغهم جميعًا بصبغة الله، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، فكانوا جميعًا إخوةً بحقٍّ حتى قال الله تعالى عنهم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩].

فيا ليتنا - وإنْ لم نصل إلى درجتهم - أن نحبَّ لأخينا ما نحبُّ لأنفسنا (١)، أو على الأقل لا نسعى في إلحاق الضرر بأخينا المسلم، ويجب على كل مسلم أن يسعى بالخير إلى أخيه، فإن رآه بخير حالٍ، سُرَّ بذلك، وسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطيه كما أعطاه، ودعا الله له بالمزيد، وسأل الله سبحانه وتعالى لنفسه الصَّلاح والتُّقى كأخيه، وكلما رأى أخاه المسلم يتقلب بالنعيم، ازداد رضًا وفرحًا وسعادةً بذلك.

* قوله: ("وَعَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ" (٢)).

"بيع الحصاة" كأن يقول: أيُّ حَصَاةٍ تَرمي أو أرميها، فتقع على ثوبٍ أو على كذا، فَهو لك بكذا، أو يقول: بعتك من هذه الأرض بقدر ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا، وهذا كلُّه من المغامرات أو المخاطرات التي جاء الإسلام لينفيها، فالإسلام قام على أصولٍ ثابتةٍ مستقرةٍ (٣).

* قوله: (وَمِنْهَا: "نَهْيُهُ عَنِ المُعَاوَمَةِ" (٤)).


(١) أخرجه البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥/ ٧١) عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
(٢) أخرجه مسلم (١٥١٣/ ٤) عن أبي هريرة.
(٣) "بيع الحصاة": هو أن يقول البائع أو المشتري: إذا نبذت إليك الحصاة، فقد وجب البيع. وقيل: هو أن يقول: بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها، أو بعتك من الأرض إلى حيث تنتهي حصاتك، والكل فاسد؛ لأنه من بيوع الجاهلية، وكلُّها غرر لما فيها من الجهالة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (١/ ٣٩٨).
(٤) أخرجه مسلم (١٥٣٦/ ٨٥) عن جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>