للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوْضيح كلَام المؤلف في هذه الفقرة: كأنَّ المؤلف -رَحِمَه اللهُ- يشير إلى المثل المعروف الذي يضربه الفقهاء، وَهُوَ قَوْلهم: "لا تُعْطِ فلانًا درهمًا حتى يدخل الدار، فإذا دخل الدار فأعطه درهمًا"، لَكن ما تَقُول: لا تعطِ فلانًا درهمًا حتى يدخل الدار، فإذا دخل مثلًا الدار، أو دخل المدرسة فأعطه.

وتَطْبيق هذا المثل على قوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} على النحو التالي:

الحَنفيَّة يَقُولُونَ: في الآية توافقٌ بين اللفظتين، وهذا يؤيد مذهبنا.

وقَوْل الجمهور كَمَنْ يقوله: لا تعط فلانًا درهمًا حتى يدخل الدار، فإذا دخل المسجد، أو فإذا دخل المدرسة فأعطه درهمًا.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وَيجِبُ عَلَى مَنْ فَهِمَ مِنْ لَفْظِ الطُّهْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} مَعْنَى وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ المَعَانِى الثَّلَاثَةِ: أَنْ يَفْهَمَ ذَلِكَ المَعْنَى بِعَيْنِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}؛ لأنَّهُ مِمَّا لَيْسَ يُمْكِنُ، أَوْ مِمَّا يَعْسُرُ أَنْ يُجْمَعَ فِي الآيَةِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مِنْ هَذِهِ المَعَانِي مُخْتَلِفَيْنِ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْ لَفْظَةِ: {يَطْهُرْنَ} النَّقَاءُ).

يقصد المؤلف -رَحِمَه اللهُ- أنه ليس من الممكن أن نجمع بين الأمرين: {يَطْهُرْنَ}، {تَطَهَّرْنَ}؛ بل لا بد من معنًى واحدٍ لكلٍّ منهما.

قَالَ المُصنِّف رحمه اللّه تعالى: (وَيُفْهَمَ مِنْ لَفْظِ {تَطَهَّرْنَ}: الغُسْلُ بِالمَاءِ- عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ المَالِكِيِّينَ فِي الاحْتِجَاجِ لِمَالِكٍ (١)؛ فَإِنَّهُ


(١) يُنظر: "عيون الأدلة" لابن القصار (٣/ ١٣٩٠) حيث قال: "والاستدلال من هذه الآية من وجهين:
أحدهما: أنها قد قرئت بقراءتين: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} مخففة، و {حَتَّى يَطَّهرن} مشددة، أي: يتطهَّرن بالماء، فأراد انقطاع دمهنَّ وتطهرهن بالماء وإلا تناقض.=

<<  <  ج: ص:  >  >>