للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك، نجد أنَّ هذا الدين هو أيسر الأديان، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أخبرت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: "مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ مَأْثَمًا" (١)، وأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهانا عن الظلم، وحذرنا منه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ قَالَ: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُون اللَّهِ حِجَابٌ" (٢).

فالظُّلْم لا يجوز شرعًا، لا بين المسلمين بعضهم البعض، ولا بين المسلمين وغيرهم؛ لأن اللهَ تعالى حرَّم الظلم على نفسه، وجعله بيننا محرمًا، وحرَّم التَّعدِّي، وقال: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥].

إذًا، البيوع التي كان يتعامل بها العرب في الجاهلية ويتقلَّبون فيها، ويربحون منها، كان يسودها الجهل والغرر والغبن والتعدي والتسلُّط، وهذه أمورٌ قَدْ طَمسها الإسلام، وأزالها، ووضع بدلًا منها ما يعين المسلمين على أن تكون كَلمتُهُم واحدةً.

* قوله: (أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَه، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلًا).

يَعْني (٣): أن يَشْتري الرجل قماشًا - مثلًا - بمجرد ملامسته، أو


(١) أخرجه البخاري (٣٥٦٠)، ومسلم (٢٣٢٧/ ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٨)، ومسلم (١٩/ ٣١) عن ابن عباس.
(٣) أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك، فقد وجب البيع. وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء ثوب، ولا ينظر إليه، ثم يوقع البيع عليه … وقيل: معناه أن يجعل اللمس بالليل قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللزوم، وهو غير نافذ. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>