للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعهَّدون ألَّا يَسْتمعوا القرآن، ثمَّ يَتَسلَّلون خفيةً، فيأتون فيستمعون أبا بكرٍ خفيةً، ويَكْشف بعضهم بعضًا؛ لأن القرآن يأخذ بألباب القلوب، ويستولي على النفوس، ويسيطر عليها، ويأخذ بمجامع السمع والعقل والفكر، ويُسَيطر على الحواس جميعًا، وذلك لأنه كلام الله - عز وجل -، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤٢].

لذا، نجد الله تعالى يقول: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محمد: ٢٤]، ولذلك قال الوليد بن المغيرة في أول الأمر عندما استمع إلى تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوائل سورة فصلت: "واللّه، إنَّ لهُ لحلاوةً، وإنَّ عَليْه لطلاوةً، وإنَّ أعْلاهُ لمُثْمرٌ، وإنَّ أسْفلهُ لمُغْدقٌ، وإنَّه يَعْلو ولا يُعْلى علَيه، وَمَا يَقُولُ هَذا بشرٌ" (١).

• قَوْله: (وَأَمَّا بَيْعُ حَبَلِ الحَبَلَةِ، فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَانَتْ بُيُوعًا يُؤَجِّلُونَهَا إِلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ يَنْتِجُ مَا فِي بَطْنِهَا، وَالغَرَرُ مِنْ جِهَةِ الأَجَلِ فِي هَذَا بَيِّنٌ) (٢).

وهذا بيع ما لم يخلق، وما لم يوجد، لذا فهذه بيوعٌ غير مضمونة، لا يستطيع الإنسان أن يضمنها.

• قوله: (وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ بَيْعُ جَنِينِ النَّاقَةِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ المَضَامِينِ، وَالمَلَاقِيحِ. وَالمَضَامِينُ: هِيَ مَا فِي بُطُونِ الحَوَامِلِ. وَالمَلَاقِيحُ: مَا فِي ظُهُورِ الفُحُولِ).

وما ذكَره عكس بيع المضامين، فالمضامينُ بيعُ ما في أصلاب


(١) ذكره ابن إسحاق في "السيرة" (ص ١٥١)، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص ٢٦٨)، لكن ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (٢/ ٤٣٣) عن خالد بن عقبة، واستغربه ابن حجر في "الإصابة" (٢/ ٢١٠)، وَقال: لم يذكر إسناده ولا من خرَّجه، والمشهور في "مغازي ابن إسحاق" نحو هذا للوليد بن المغيرة، ومع ذلك فلا دِلَالَة في السياق على إسلام صاحب هذه القصَّة.
(٢) تقدم تعريفها، وأقوال الفقهاء فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>