للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "حَتَّى يَبْدُو صَلَاحُهَا"، أي: يظهر صَلاحها، ولماهية ظهور صلاح الثمرة التي تجزئ في البيع أربعة أقوال:

القَوْل الأوَّل (١) من العلماء مَنْ قال: إن المراد من قوله: "حَتَّى يَبْدُو صَلَاحُهَا"، أي: يظهر صلاحها في بستانٍ في قطرٍ ما من هذا البلد، فبظهور الصلاح بهذا البستان يعتبر الصلاح في بقية بساتين البلد، وهو قول المالكيَّة، لكنهم يُقيِّدون باستمرارية النضج بمعنى: ألَّا ينقطع النضج، ووافقهم الليث بن سعدٍ في ذلك.

القَوْل الثَّانِي (٢) أن المراد من قوله: "حَتَّى يَبْدُو صَلَاحُهَا"، أيْ: يبدو في كُلِّ بستانٍ على حدة، مُعللين بأن لكلِّ بستان خصائصه ومميزاته، فإذا ما ظهر صلاح الثمر في هذا البستان، ولو في بعض شجره، كان ذلك علامةً لظهور صلاح بقية البستان، ويجزئ جميعه في البيع، وهو قولٌ للإمام أحمد.

القول الثالث: أن المراد من قوله: "حَتَّى يَبْدُو صَلَاحُهَا"، أي: يظهر صلاح الثمر في النوع الواحد من الشجر كالعنب مثلًا، أو النخل وهكذا، وهو قول الشافعي (٣).

القَوْل الرَّابع: أن المراد من قوله: "حَتَّى يَبْدُو صَلَاحُهَا"، أي: يظهر


(١) هو قول المالكية قالوا: إذا بدا صلاح جنس من الثمار في بستان، كنخلةٍ واحدةٍ منه، أو بعضه ولو عِذق في نخلة؛ جاز بيعه كله، وجاز بيع البساتين حوله في ذلك البلد". يُنظر: "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب (ص ٤٠٦)، وهي رواية عن أحمد. قال ابن قدامة في "الكافي " (٢/ ٤٤): "وإن بدا صلاح ثمرة بستان … وعنه: يكون صلاحًا فيما قاربه؛ لأنهما يتقاربان في الإدراك".
(٢) قَالَ البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (٢/ ٨٦): "وصلاح بعض ثمرة شجرة صلاح لجميع نوعها الذي بالبستان؛ لأن اعتبار الصلاح في الجميع يشق، وكالشجرة الواحدة؛ ولأنه يتتابع غالبًا … فيصح بيع الكل تبعًا لأفراده ما لم يبد صلاحه بالبيع".
(٣) قال الشربيني في "مغني المحتاج" (٢/ ٥٠٠): "بدو صلاح الثمر ظهور مبادي النضج والحلاوة فيما لا يتلون، وفي غيره بأن يأخذ في الحمرة أو السواد".

<<  <  ج: ص:  >  >>