للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متَى يصحُّ قَوْل: " كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ "؟

يَصحُّ هذا القول في المسائل التي لم يظهر المقصود منها.

مثال على هذه القاعدة:

فعندما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِهِ: " لا يصلينَّ أحدٌ منكم العصر إلا في بني قريظة " (١)، فكلُّ فريقٍ من الصحابة اجتهد:

(١) فبعضهم: فَهِمَ من ذَلكَ الحث والإسراع، ولذلك صلى في وقت الصلاة في الطريق.

(٢) وبعضهم: أخَذ بالظَّاهر، ولم يَصِلْ إلى الغرض المنشود.

وقد أقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا الفريقين على فهمِهِ، ولا شك أن أحد الفريقين قد أصاب السُّنَّة، وهو الذي صلَّى أصحابه في الوقت، وَالفريقُ الآخَرُ اجتهدَ، وقَدْ أراد بذلك تنفيذ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعبارة: " كل مجتهدٍ مصيب ": مختلفٌ فيها بين الأُصُوليِّين.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ: إِنْ وَطِئَ فِي الدَّمِ، فَعَلَيْهِ دِينَارٌ، وَإِنْ وَطِئَ فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ).

إتْيَانُ الرجل امرأتَه وهي حائضٌ كبيرةٌ من كبائر الذنوب، ومُحرَّمٌ باتفاق العلماء (٢)، وبعضهم ذهب إلى تكفير مَن استحلَّه (٣).


(١) أخرجه البخاري (٩٤٦)، وغيره عن ابن عمر، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا لما رجع من الأحزاب: " لا يصلين أحدٌ العصر إلا في بني قريظة "، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يعنف واحدًا منهم.
(٢) يُنظر: " الأوسط " لابن المنذر (٢/ ٣٣٦)، قال: " والفرج محرم في حال الحيض بالكتاب والإجماع … ".
(٣) مذهب الأحناف، يُنظر: " البحر الرائق " لابن نجيم (٥/ ١٣١)، قال: " ويكفر بإنكاره أصل الوتر والأضحية، وباستحلال وطء الحائض ".=

<<  <  ج: ص:  >  >>