للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن اختلفوا: هل فيه كفارةٌ أم لا؟ إلى عدة أقوال:

القول الأول: أنه لا كفارة عليه، وإنما يستغفر الله ويتوب إليه مما وقع فيه من الإثم، وبه قال الجمهور (أبو حنيفة (١)، ومالك (٢)، والشافعي في الجديد (٣)، وأحمد في غير المشهور عنه) (٤).

وحُجَّة الجمهور: قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢].

إذن، حرمَ الوطء لأجل الأذى، فَمَنْ وقَع في ذلك، فليستغفر الله، ولَا كفَّارة عليه، قياسًا على مَن ارتكب الزنا، أو أتى امرأةً في دبرها، والكفَّارةُ إنما ترفع الإثم، وهذه أمورٌ أعظمُ من أَنْ يرتفع إثمها بالكفارة، فعليه التوبة والاستغفار، والعزم على عدم العود إليه مرةً أخرى.


= مَذْهب الشافعيَّة، يُنظر: " المجموع " للنووي (٢/ ٣٥٩)، قال: " أجمَعَ المُسْلمُونَ على تحريم وطء الحائض؛ للآية الكريمة والأحاديث الصحيحة، قال المحاملي في " المجموع ": قال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ: مَنْ فعل ذلك، فقد أتى كبيرةً … قال أصحابنا وغيرهم: من استحل وطء الحائض، حكم بكفره ".
(١) يُنظر: " البحر الرائق " لابن نجيم (١/ ٢٠٧)، قال: " أما حرمة وطئها عليه، فمُجْمعٌ عليها؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}، ووطؤها في الفرج عالمًا بالحرمة عامدًا مختارًا كبيرةٌ لا جاهلًا، ولا ناسيًا ولا مكرهًا، فليس عليه إلا التوبة والاستغفار ".
(٢) يُنظر: " النوادر والزيادات " لابن أبي زيدٍ (١/ ١٣٠)، قال: " قال مالكٌ فيمن وطئ حائضًا: ليس في ذلك كفَّارة إلا التوبة، والتقرُّب إلى الله سبحانه ".
(٣) يُنظر: " مغني المحتاج " للخطيب الشربيني (١/ ٢٨٠)، قال: " ويسنُّ للواطئ المتعمد المختار العالم بالتحريم في أول الدم وقوته التصدق بمثقال إسلامي من الذهب الخالص، وفي آخر الدم وضعفه بنصف … ثم قال: وإنما لم يجب لأنه وطء محرم للأذى، إذ لا يجب به كفارة؛ كاللواط ".
(٤) يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (١/ ٣٥١)، قال: " قوله: فإن وطئها في الفرج، فعليه نصف دينار كفارة. الصحيح من المذهب أن عليه بالوطء في الحيض والنفاس كفارة، وعليه جمهور الأصحاب، وعنه: ليس عليه إلا التوبة فقط … وهو قول الأئمة الثلاثة … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>