للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قَوْله: (وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ أَجَازُوا بَيْعَ السُّنْبُلِ إِذَا طَابَ عَلَى مَنْ يَكُونُ حَصَادُهُ وَدَرْسُهُ).

والمقصود بـ "طابَ"، أي: إذا ظهر فيه النضج، أو كما جاء في الحديث: "حتى يحْمَرَّ أو يصْفَرَّ"، أي: إذا ظهر فيه الصلاح للأكل.

وهذه من المسائل المهمة، ولا خلاف في مسألة تعيين المسؤول عن جزاز النخل، وحصاد السنبل وتنظيفه، وجز الزرع في مثل شراء نخل مثلًا، أو قمح في مزرعة، وقد حكى المؤلف فيها الخلاف، وسيأتي تفصيل المسألة.

• قوله: (فَقَالَ الكُوفِيُّونَ: عَلَى البَائِعِ حَتَّى يَعْمَلَهُ حَبًّا لِلْمُشْتَرِي، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: هُوَ عَلَى المُشْتَرِي).

قوله: "الكوفيون"، دون استثناء أبي حنيفة يوهم أن أبا حنيفة يوافقهم، وأبو حنيفة رأيه كرأي الجمهور في هذه المسألة، وهو أن المسؤول إنما هو المشتري (١).

وقَدْ تقرَّرَ - كَما مَرَّ - أن تسليم المبيع أو القبض شرط في الضمان، أما هنا فخولفت هذه القاعدة، لأن تسليم المبيع هناك شرط في المكيل والموزون؛ ولذلك كان من ضمان البائع، أما المبيع هنا فإنه يحصل تسليمه بالتخلية، ولذلك يجوز لمن اشترى ثمر النخل أن يبيعها على غيره، وأن يتصرَّف فيها.

إذًا، الصورتان مختلفتان، فالأولى لا يجوز للمشتري أن يتصرف في مكيل أو موزون أو معدود حتى يتسلَّمه، أي: لا يجوز له بيعه (٢)، أمَّا هنا فيحصل القبض بالتخلية، فحِينَئذٍ يصبح داخلًا في ملك المشتري، وله أن


(١) قالوا: "لو اشترى حنطة في سنبلها، فعلى البائع تخليصها بالدرس والتذرية، ودفعها إلى المشتري، وهو المختار". يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٦/ ٢٩٦).
(٢) وقد مرت هذه المسألة بتفاصيلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>