للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ، فَأَجَازَهُ إِذَا كَانَ النَّقْدُ وَاحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا (١)، وَعِلَّةُ مَنْعِهِ عِنْدَ الجَمِيعِ الجَهْلُ؛ وَعِنْدَ مَالِكٍ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ؛ لِأنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يَخْتَارَ فِي نَفْسِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ).

أَيْ: علَّة المنع عند الإمام مالكٍ - رحمه الله - لا تتفق مع بقيَّة الأئمَّة في هذه الصُّورة، فَجميعٍ الأئمَّة مُتَّفقون على أن علة تحريمها هي الغرر، لكن الإمام مالكًا - رحمه الله - يحرم هذه الصورة من باب سد الذرائع، أي: سد كل بابٍ ربما يوصل البائعين إلى التعامل بالربا؛ ولذلك قال: بالخيار.

ومن هنا بدأ المؤلف يفصل أكثر، فذكر أنه ربما يختار أحد الثوبين أو يختار الآخر، فيحصل عنده ترددٌ في ذلك وتحيُّر، فلم يجزم باختيار أحد الثوبين.

ولهذا، نَجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث المتفق عليه: "البَيِّعَان بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا" (٢).

• قَوْله: (فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ ثَوْبًا وَدِينَارًا بِثَوْبٍ وَدِينَارٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ).

لأنه قد يكون قد اختار ثوبًا في ظاهره، وفي باطنه اختار ثوبًا آخر، فكأنه بهذا التحيُّر قد باع ثوبًا بثَوْبٍ، وهذا على التَّصوُّر.

• قوله: (وَأَمَّا الوَجْهُ الثَّالِث، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَبِيعُكَ هَذَا


(١) قال سحنون: وقال ابن وهب وابن نافع: وقَدْ كان عبد العزيز بن أبي سلمة يجيز مثل هذا إذا قال الرجل للرجل: هذا الثوب بسبعةٍ، وهذا الثوب بخمسة، والوزن واحدٌ، فاختر فيهما، وقد وجب لك أحدهما، فلا بأس بذلك. انظر: "المدونة" (٣/ ٢٢٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢/ ٤٧) عن حكيم بن حزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>