للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في بيع التمر، وفي قصة تمر الجمع، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ "، قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا" (١)، أي: تمرًا جيِّدًا.

• قوله: (وَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَشْتَرِي مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ مِنِّي إِلَى أَجَلٍ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ العِينَةِ، وَهُوَ بَيْعُ الرَّجُلِ مَا لَيْسَ عِنْدَه، وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا عِلَّةُ جَهْلِ الثَّمَنِ).

تَكرَّرت هذه المسألة من قبل، وكلمة: "العينة" بها علةٌ صرفيةٌ، فأصلها "عِوْنة"، وقعت الواو ساكنةً بعد كسرٍ، فقُلِبَت ياءً، فصارت "عِينة" (٢)، ومعناها في اللغة (٣): السلف، يقال: اعتان الرجل: إذا اشترى الشيء بالشيء نسيئةً، أو اشترى بنسيئةٍ، وقيل لهذا البيع عينةً؛ لأن مشتري السلعة إلى أجلٍ يأخذ بدلها (أي: من البائع)، عينًا، أي: نقدًا حاضرًا.

واصطلاحًا: قرض في صورة بيع لاستحلال الفضل.

وللعينة المنهي عنها تفسيراتٌ، أشهرها (٤): أن يبيع سلعةً بثمنٍ إلى أجلٍ معلومٍ، ثم يشتريها نفسها نقدًا بثمنٍ أقل قبل انقضاء المدة، وفي نهاية


(١) أخرجه البخاري (٢٢٠١)، ومسلم (١٥٩٣/ ٩٥).
(٢) قال الدردير: "أصل العينة: عونة، وقعت الواو ساكنةً بعد كسرةٍ فقلبت ياءً: من العون". انظر: "أقرب المسالك وحاشية الصاوي" (٣/ ١٢٨).
(٣) قال الجوهري: و"العِينَة" بالكسر: السلف. واعتان الرجل، إذا اشترى الشيء بنسيئةٍ.
انظر: "الصحاح" (٦/ ٢١٧٢).
(٤) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي، وحاشية ابن عابدين (٥/ ٢٧٣)، و"أقرب المسالك وحاشية الصاوي" للدردير (٣/ ١٢٨، ١٢٩)، و"الكافي "لابن قدامة (٢/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>