للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجل يدفع المشتري الثمن الأول، والفرق بين الثمنين فضل، هو ربا للبائع الأول، وهذه من الحيل.

وقد جاء في ذلك الوعيد الشديد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا تبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ" (١).

إذن، قد حذرنا من العينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نصًّا، فجمهور العلماء كأبي حنيفة (٢) ومالكٍ (٣) وأحمد (٤) يرون أن بيع العينة محرمٌ، أما الشافعية فيجيزونه (٥)، ولا شك أن مذهب الجمهور أرجح، وسبق وقَدْ ذكَرنا هذه المسألة.

وقد جاء المؤلف - رحمه الله - بمثالٍ مقلوبٍ هو نفس المعنى الصَّحيح ورأيت أحد الكتب التي تعلق على المثال الذي ذَكَره المؤلف، ويقول: "أخطأ المؤلف في المثال"، والمؤلف لم يخطئ، بل قدم الشراء على البيع بقوله: "أَشْتَرِي مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ مِنِّي إِلَى أَجَلٍ"، فلو قَدَّمنا الجملة الثانية على الأولى، لَكَانت هي المثال الصحيح.


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٦٢) عن ابن عمر، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (١١).
(٢) قالوا: "اخترعه أكَلَة الربا، وهو مكروه مذموم شرعًا". يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي، وحاشية ابن عابدين" (٥/ ٣٢٥).
(٣) فصل المالكية فيها على ثلاثة أقسام:
فقال الدردير في "الشرح الكبير" وحاشية الدسوقي (٣/ ٨٨ - ٩٠): "وهي ثلاثة أقسام: جائز، ومكروه، وممنوع … "، ثم فَصَّلها.
(٤) قالوا: "بيع العينة، فهو أن يبيع سلعةً بثمنٍ مؤجلٍ، ثم يشتريها منه بأقلَّ من الثمن حالًا، فلا يجوز". يُنظر: "الكافي "لابن قدامة (٢/ ١٦).
(٥) قال النووي: "ليس من المناهي بيع العينة". يُنظر: "روضة الطالبين" (٣/ ٤١٨، ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>