للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن، ما فعله المؤلف، فهو التقديم والتأخير ليس إلا، ومضمون عبارة المؤلف صحيحة، لكنه قدم العَجُز على الصدر.

قَوْله: (وَأَمَّا إِذَا قَالَ لَهُ: أَبِيعُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بدِينَارٍ، وَقَدْ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا يَخْتَار، وَافْتَرَقَا قَبْلَ الخِيَارِ).

كأَنْ يقول البائع: أبيعك أحد هذين الثوبين بكذا، فاختار واحدًا منهما، يعني: يلزمه بيع أحدهما.

• قَوْله: (فَإذَا كَانَ الثَّوْبَان مِنْ صِنْفَيْنِ، وَهُمَا مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي الثَّانِي).

"يُسْلم"، أي: يسلم فيه، وهو السَّلَم، وسيأتي الكلام عنه مفصلًا، ورُبَّما يُوضح في هذا المقام بعض الصُّور التي فيها بعض الغموض، لأن المؤلف أدخل بعض مسائل السلم في مسائل البيوع، والسَّلم - كما هو معلومٌ - نوعٌ من أنواع البيوع، أفْرَده العلماء بباب مستقل.

و"السَّلَم" (١): هو بيع شيءٍ موصوف في الذمة بلفظ السَّلَم أو السلف، وهو مستثنًى من بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان، وذلك لحاجة الناس إلى مثل هذا العقد.

ومثاله: أن تدفع مالًا إلى شخصٍ على أن يعطيك بعد ذلك السلعة، وله شروطٌ معروفةٌ أشارت إليها أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كقوله: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٢).

وَللْبُخَارِيِّ: "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيءٍ" (٣)، وأضَافَ العُلَماء إلى ذلك أيضًا شروطًا أخرى مُفصَّلة في بابها.


(١) يُنظر: "النهاية" (٢/ ٣٩٠) لابن الأثير، و"تحفة المحتاج" للهيتمي (٥/ ٢، ٣)، و"المعجم الوسيط" (١/ ٤٤٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٣٩)، ومسلم (١٦٠٤/ ١٢٧) عن ابن عباس.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>