للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنابذة (١)، وقد نهى الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك لما فيه من الغرر والجهالة (٢).

وكونه لا خلاف في بيعه؛ لأنَّك تشتري أمرًا حاضرًا مشاهدًا، أمَّا إذا دلس عليك البائع، وغشك، ووجدت في داخله عيبًا؛ فهذه مسائل أُخرى سيأتي الكلام عن شروطها.

• قوله: (وَمَبِيعٌ غَائِبٌ، أَوْ مُتَعَذِّرُ الرُّويَةِ، فَهُنَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ).

والمبيع الغائب: هو غير الموجود أمامك، والمتعذر الرؤية: هو ما يصعب عليك أن تراه؛ لتعذر الوصول إليه، إمَّا أن يكون أساسًا لشيءٍ كأساسِ الذَّهب، وربما أنَّه يحول بينك وبين أن تصل إليه حائل يمنعك من أن تصل إليه.

وكان ينبغي أن يُضيف المؤلف إلى ذلك أمرًا آخر، وهو: مرئي رؤية سابقة؛ لأنَّ المبيعَ إمَّا مشاهد مرئي في الحال، أو مرئي رؤية سابقة، والرؤية السابقة أيضًا يقسمها الفقهاء إلى قسمين:

- الأول: رؤية قريبة لم يمض عليها زمن يمكن أن يحصل فيه التغير: فأنت لو رأيت دارًا جديدة قبل شهرين، فالغالب أنَّ الدارَ لا يحصل لها تغييرًا خلال تلك الفترة، وكذلك السيارة لو رأيتها قبل شهر مثلًا - ما لم يحصل لها حادث، أو نحوه -، فإنها غالبًا لا تتأثر بشيءٍ ذي بال خلال تلك الفترة.


(١) أخرجه البخاري (٢١٤٦)، ومسلم (١٥١١).
والمنابذةُ لغةً: من النبذ: وهو طرحك الشيءَ أمامك، أو وراءك. يُنظر: "القاموس المحيط" (ص ٣٣٨)، واصطلاحًا: في تفسيرها أقوال؛ حاصلها: طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى رجل قبل أن يقلبه، أو ينظر إليه، متى نبذ إليه الثوب فقد وجب البيع، ولا خيار للمشتري في رده. يُنظر: "فتح الباري"؛ لابن حجر (٤/ ٣٥٩).
(٢) الغررُ والجهالةُ من العيوب التي ترد بها المعاملات، والغرر: هو ما كان له ظاهر يغر المشتري، وباطن مجهول. وقيل: بيع الغرر: ما كان على غير عهدة ولا ثقة، وتدخل فيه البيوع التي لا يُحيط بُكنهها المتبايعان من كل مجهول. يُنظر: "النهاية"؛ لابن الأثير (٣/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>